شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
تصانيف
الزيارة الشرعية للقبور
أما الزيارة الشرعية فهي التي كان قد منعها النبي ﷺ خوفًا من الاعتقاد في المقبور، كما كان أهل الجاهلية يعتقدون في بعض الأموات، كالذي كان يلت السويق للحجيج، وكما قال ابن عباس ﵁ وأرضاه، واتخذوا صنمه إلهًا يعبدونه من دون الله، فكان النبي ﷺ يحسم هذا الأمر في أول الإسلام، ثم بعد ذلك أباح لهم زيارة القبور وبين العلة فقال: (كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها تذكر الآخرة أو تذكر بالموت).
فيرق القلب وتدمع العين عند زيارة القبور، ولذلك أفسح النبي ﷺ المجال لمن يزور القبور وهو معتقد الاعتقاد السديد بأن المقبور لا ينفع ولا يضر.
ومن العلل أيضًا انتفاع الرجل المؤمن بالله جل في علاه وانتفاع الميت، أما انتفاع الموحد وذلك بأنه سيدخل إلى المقبرة فيؤدي حق الله وحق المقبور، أما تأدية حق الله فإنه عندما يذهب إلى المقبرة يعلم أن الموت بيد الله، وأن الله هو الآخر ﷾، وأن الله هو مكون الكون، ثم يرفع يديه ويدعو الله جل في علاه بالإحسان إلى أخيه، فيفوز بالتوحيد ويفوز بالإحسان إلى أخيه، ويرجع ذلك إليه لقول الله تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾ [الرحمن:٦٠] فينتفع المقبور بدعاء هذا الحي، والحي أيضًا يتذكر ويتدبر بأنه نازل إلى هذا القبر كما نزل صاحبه.
7 / 3