شرح كتاب الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق لابن تيمية - محمد حسن عبد الغفار
تصانيف
التوسل بجاه الصالحين
التوسل بجاه النبي ﷺ مما انتشر بين العامة، فتجد أحدهم يقول: اللهم بحق جاه نبيك افعل كذا وكذا.
وهذا التوسل عند أهل التحقيق من أهل السنة والجماعة بدعة من البدع المنكرات، يحرم على الإنسان أن يفعله، فإن فعله جاهلًا فعلم فأصر على ما هو فيه، فهو آثم عند ربه، وهذه ذريعة للشرك والعياذ بالله.
وهذا التوسل توسل بدعي لأمرين اثنين: الأمر الأول: أنه لم يأت عليه دليل من الكتاب، ولا من السنة، ولا من فعل الصحابة، والله قد أمرنا باتباع كتابه وسنة نبيه، ثم اتباع أصحاب نبيه من بعده.
وإنما عطفت السنة على الكتاب بالواو لأنه لا بد من اقتران كتاب الله مع سنة النبي ﷺ، فهما صنوان.
أما الكتاب: فلم يرد في كتاب الله دليل يثبت التوسل بجاه النبي ﷺ.
وأما السنة: فلم يرد في سنة النبي ﷺ، لا من قوله ولا من فعله ولا من تقريره.
وأما ما ورد عن أبي بكر وعمر أنهما استسقيا بجاه النبي ﷺ فإنه من الكذب المفترى على الصحابة رضوان الله عليهم.
وبما أنها لم ترد في كتاب ولا سنة ولا فعل النبي ﷺ، فهي بدعة وإن قال بها بعض الفضلاء من أهل السنة والجماعة، وإن كانوا من العلم بمكان مثل: العز بن عبد السلام وغيره، فإن قولهم ليس بصحيح بحال من الأحوال، بل هو بدعة مميتة لأمرين اثنين: الأمر الأول: أنه لم يرد دليل.
الأمر الثاني: أنه توسل بشيء أجنبي وهو جاه النبي ﷺ، وجاه النبي ينفع النبي لأنه صاحب الجاه ولا ينفع غيره، فمن يتوسل بجاه النبي يتوسل بشيء أجنبي، ولا يتوسل بشيء شرعه الله جل في علاه، وإنما ينفعك النبي بشفاعته لا بجاهه.
ولو كان الجاه والتوسل بالجاه مشروعًا لبينه لنا رسول الله ﷺ وإلا لم يتم لنا البيان، ولم يتم لنا البلاغ.
والرسول هو أحرص الأمة على أن يدل الأمة على كل خير، ولو كان في التوسل بجاه النبي خير، لكان لزامًا على رسول الله أن يبين لنا أن التوسل المشروع هو التوسل بجاهه ﷺ، فلما لم يبين النبي ﷺ أن جاهه يمكن التوسل به، قلنا: هذه بدعة، ولا يصح لأحد أن يتوسل بجاه النبي ﷺ.
4 / 6