حكم صاحب الكبيرة
وهنا مسألة وهي: من فعل كبيرة من الكبائر فهل ينسحب الإيمان منه؟ وهل يخرج من الملة ويخلد في نار جهنم؟ الخوارج غلوا وقالوا: إنه يخرج من الملة ويخلد في النار، وأهل السنة والجماعة يقولون: فاعل الكبيرة تحت مشيئة الله، فإن شاء عذبه، وإن شاء غفر له ورحمه.
ولا يشكل علينا قول النبي ﷺ: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، وقول النبي ﷺ: (لعن المؤمن كقتله)، وقوله: (لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض)، وقوله: (من غشنا فليس منا)، وقوله: (أنا بريء ممن جلس بين أظهر المشركين)، فلا يشكل علينا ذلك؛ لأنه مؤول، فقول النبي ﷺ: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) نفى عنه الإيمان المطلق، أي: كمال الإيمان، وأما أصل الإيمان وهو الإسلام فهو موجود في القلب لا يرتفع عنه، ويدل على ذلك قول النبي ﷺ: (إن جبريل جاءني فبشرني أن من مات من أمتي وهو يقول: لا إله إلا الله دخل الجنة، فقال أبو ذر: يا رسول الله! وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، قال: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، وعلى رغم أنف أبي ذر)، فهذا فيه دلالة على أن الزاني والسارق وشارب الخمر تحت مشيئة الله، كما قال النبي ﷺ عن ابن النعيمان: (ما أراه إلا يحب الله ورسوله)، وكان معتادًا على شرب الخمر، ومع ذلك لم ينزع من قلبه حب الله والرسول ﷺ.
2 / 11