115

شرح الدعاء من الكتاب والسنة

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

قَالَ، قَالَ: فَقَامَا فَجَعَلَ إِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَيَقُولَانِ: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (١). انظر يا عبد اللَّه، وتأمّل في شأنهما: يقومان بأجلّ الأعمال وأرفعها بإذنٍ من ربهما تعالى، وهما يسألان ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾، فتأمّل كيف كان حالهما من الخوف والرجاء ألاّ يتقبل عملهما، فإذا كان هذا حال إمام الحنفاء، وقدوة الموحدين، فكيف بحالنا وتقصيرنا؟. فعن وهيب بن الورد أنه قرأ: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا﴾، ثم يبكي ويقول: يا خليل الرحمن، ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك؟» (٢). وهذا كما حكى اللَّه تعالى عن حال المؤمنينَ الخُلَّص في قوله تعالى: ﴿وَالَّذينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا﴾ (٣)، أي يعطون ما أعطوا من الصدقات والنفقات والقربات: ﴿وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ (٤)، أي: خائفة ألاّ يتقبل منهم، كما جاء في الحديث أن عائشة ﵂ سألت رسول اللَّه ﷺ عن هذه الآية: «أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ، وَيُصَلُّونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ

(١) صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (يزفّون)، ٤/ ١٤٥، برقم ٣٣٦٥. (٢) تفسير ابن كثير، ١/ ٢٥٤. (٣) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠. (٤) سورة المؤمنون، الآية: ٦٠.

1 / 116