الخوف من الله ﷿ عند الكلام في الآخرين
فأما القاعدة الأولى التي ينبغي أن يحرص عليها المرء في حكمه على الرجال والأشخاص، وعلى الكتب والمصنفات، وعلى الجماعات، وعلى الأمم وغير ذلك هي: الخوف من الله ﷿ عند الكلام في الآخرين.
حرّم الله ﷿ الغيبة في كتابه وعلى لسان نبيه ﷺ، فقال في كتابه: ﴿وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ [الحجرات:١٢]، وقال النبي ﷺ فيما رواه أبو هريرة عنه: (أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: ذكرك أخاك بما يكره.
قيل: أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته) أي: ظلمته وجرت عليه، والنبي ﷺ حرّم ذلك في حجة الوداع كما ورد في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، وحديث أبي بكر الصديق ﵁ قال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا -أي: يوم عرفة- في شهركم هذا -أي: شهر ذي الحجة- في بلدكم هذا -أي: في بلد الله الحرام مكة المكرمة- قال: ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد).
بل جاءت الأحاديث ببيان أشد مما سبق، فجعلت الخوض في عرض المؤمن أشد من أن ينكح الرجل أمه كما ورد في حديث البراء بن عازب عن النبي ﷺ أنه قال: (الربا اثنان وسبعون بابًا أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه) أي: أن تطلق لسانك في عرض أخيك.
وعن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، ومن مات وعليه دين فليس بالدينار والدرهم ولكن بالحسنات والسيئات، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج).
وعن ابن عمر أيضًا ﵄ مرفوعًا قال: (يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبّع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته).
فهذه النصوص -في الحقيقة- كلها تدل دلالة واضحة على أنه ينبغي عليك أن تحرص على أن تراقب الله ﷿ في أقوالك وأفعالك، خاصة في التي لها تعلق بغيرك من بني البشر.
3 / 15