باب كراهة تسمية العنب كرمًا
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كراهة تسمية العنب كرمًا].
الكرْم والكرَم شيء واحد، والعرب كانت تطلق على العنب كرَم أو كرْم، على عادتهم في اتخاذ الخمر من العنب، فإذا شربوها سكروا، وإذا سكروا جادوا بها في مجالسهم، وأنتم تعلمون أن هذه المجالس باقية إلى الآن، حتى إن السكارى الآن يقولون: إن فلانًا هذا كريم جدًا.
فإذا جئت تنظر في حال فلان هذا تجده رئيسهم في السكر، فيقولون: فلان أكرم واحد فينا.
يعني: هو الذي يُشرب الجالسين، يشتري خمرًا ويوزعه على أصحابه كلهم.
يعني: هو يسقي الجميع، فسمي كريمًا؛ لأنه يجود بالخمر على غيره.
فكذلك العرب كانت تفعل في جاهليتها، فلهذا يسمون العنب كرمًا؛ لإظهار إكرام فاعله، فمن جاد بالشرب والسكر والخمر على غيره سمي عندهم كريمًا.
ورغم أن هذا اللفظ يحمل معنى طيبًا محمودًا إلا أن النبي ﷺ كره أن يُطلق هذا اللفظ المحمود على ما هو مذموم أصلًا في الشرع، فقال: (لا تقولوا للعنب كرمًا، بل أولى الناس بهذا الاسم العبد المسلم أو الرجل المسلم أو قلب المؤمن)، فإنه أولى بهذا الاسم من هذا السكير العربيد؛ لأن قلب المؤمن حي بنور الإيمان، لا يقارف هذه المعاصي ولا يشرب الخمر، فهو أولى بكرمه وتعففه عن المعاصي وعن هذه الأوحال ممن اقترفها.
قال: [حدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب].
معمر بن راشد عن أيوب بن أبي تميمة السختياني وهو كيسان.
قال: [عن ابن سيرين عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر، ولا يقولن أحدكم للعنب: الكرم؛ فإن الكرم الرجل المسلم)].
أي: فإن الكريم هو الرجل المسلم.
حدثنا عمرو الناقد وابن أبي عمر قالا: حدثنا سفيان].
وهو: سفيان بن عيينة.
[عن الزهري عن سعيد].
وهو: سعيد بن المسيب.
[عن أبي هريرة عن النبي ﵊ قال: (لا تقولوا كرمًا فإن الكرم قلب المؤمن).
حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير -وهو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي - عن هشام عن ابن سيرين - هشام عن ابن سيرين هو هشام بن حسان الأزدي - عن أبي هريرة عن النبي ﵊ قال: (لا تسموا العنب الكرم فإن الكرم الرجل المسلم).
وحدثنا زهير بن حرب -وهو أبو خيثمة النسائي نزيل بغداد- حدثنا علي بن حفص - المدائني أبو الحسن البغدادي - حدثنا ورقاء -وهو ابن عمر اليشكري نزيل المدائن وهو كوفي أبو بشر - عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يقولن أحدكم الكرم، فإنما الكرم قلب المؤمن).
وحدثنا ابن رافع -وهو محمد - قال: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي ﵊ بأحاديث.
منها هذا الحديث من صحيفة همام عن أبي هريرة، أخرجها الإمام أحمد بن حنبل في الجزء الثاني من المسند وهي حوالي مائة واثنين وأربعين حديثًا.
[قال: (لا يقولن أحدكم للعنب الكرم، إنما الكرم الرجل المسلم).
حدثنا علي بن خشرم أخبرنا عيسى بن يونس -وهو ابن أبي إسحاق السبيعي - عن شعبة عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل -وهو ابن وائل بن حجر الحضرمي الكوفي، قيل: إن علقمة لم يسمع من أبيه، ولكن جاء عند الترمذي: أن علقمة قال: سمعت أبي.
فالذي يقول: إن علقمة لم يسمع من أبيه يرد عليه تصريح علقمة بأنه سمع من أبيه.
[عن النبي ﵊ قال: (لا تقولوا الكرم، ولكن قولوا: الحبْلة أو الحبَلة)].
إما بإسكان الباء أو بفتحها.
[(لا تقولوا للعنب: الكرم، ولكن قولوا: الحبَلة، أو الحبْلة يعني: العنب)، يعني: قولوا له: عنبًا أو حبلة، فهذا لا بأس به.
قال: [وحدثنيه زهير بن حرب حدثنا عثمان بن عمر -وهو ابن فارس العبدي
11 / 7