شرح ألفية ابن مالك للعثيمين

محمد بن صالح العثيمين ت. 1421 هجري
59

شرح ألفية ابن مالك للعثيمين

تصانيف

العلامات الأصلية للإعراب قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فارفع بضم وانصبن فتحًا وجر كسرًا كذكر الله عبده يسر واجزم بتسكين وغير ما ذكر ينوب نحو جا أخو بني نمر] ارفع: فعل أمر، والأمر هنا للوجوب، فيجب أن ترفع بالضم، كأن تقول: قام زيدٌ، ولا يجوز أن تقول: قام زيدِ، ولا أن تقول: قام زيدًا. (وانصبن فتحًا): يعني: وانصبن بفتح. انصبن: فعل أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد. فتحًا: منصوب بنزع الخافض، والتقدير: وانصبن بفتح. (وجر كسرًا) نقول في: (وجر كسرًا) كما قلنا في (انصبن فتحًا) أي أن كسرًا منصوب بنزع الخافض، أي: جر بكسر. فتبين أن علامة الرفع ضم. والنصب فتح. والجر كسر. ثم ضرب مثلًا فقال: (كذكر الله عبدَهُ يسر) أو (كذكر الله عبدُهُ يسر) هنا يصح الوجهان لكن إذا قلنا: كذكر الله عبدَهُ يسر؛ صار المعنى: أن الله إذا ذكر عبده فإن ذلك يسر العبد. وإذا قلنا: ذكر الله عبدُهُ يسر، صار المعنى: أن العبد إذا ذكر الله سر بذلك، وأيهما أحسن؟ الجواب الأول، وهو أن يذكرك الله؛ قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران:٣١]، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة:١٥٢]. وإعرابها: الكاف حرف جر. وذكر الله عبده يسر: اسم مجرور بالكاف، وعلامة جره كسرة مقدرة على آخره منع من ظهورها الحكاية. فإذا قال قائل: كيف يكون هذا؟ قلنا: يكون على تقدير أن الجملة بمعنى (هذا اللفظ)، يعني: كأنه قال: (كهذا اللفظ)، فهي قائمة مقام قول القائل: هذا اللفظ. وإن شئت فقل: الكاف: حرف جر، والمجرور محذوف والتقدير: (كقولك: ذكر الله عبده يسر)، ثم تعرب الجملة: ذكر: مبتدأ. وهو مضاف إلى لفظ الجلالة، من إضافة المصدر إلى فاعله. عبد: مفعول ذكر، والتقدير: أن يذكر اللهُ عبدَه يسر. وجملة يسر: في محل رفع خبر المبتدأ (ذكر). هذا المثال فيه رفع في الاسم (ذكر) والفعل (يسر)، وفيه جر (لفظ الجلالة) ونصب (عبده)، وليس فيه الجزم؛ لكنه قال: (واجزم بتسكين)، يعني: إذا جزم الفعل يجزم بالسكون، تقول: لم يقم زيد. قال في الطرفين: فارفع بضم، واجزم بتسكين فالطرفان جاء فيهما بحرف الجر، والوسط نزع منه حرف الجر، فقال: انصبن فتحًا وجر كسرًا، فكأنه يقول: إن الباطن الذي في الوسط كالظاهر الذي في الجوانب. يعني: أن قوله: (انصبن فتحًا وجر كسرًا) منصوبان بنزع الخافض، كما قلنا: فارفع بضم، واجزم بتسكين، لكن لا أدري هل قصد هذا أو أن النظم ألجأه إلى ما صار إليه. ثم قال: (وغير ما ذكر ينوب) الذي ذكر هو الضم، والفتح، والكسر، والسكون، فقوله: (وغير ما ذكر ينوب) يريد به أن غير الأربع العلامات هذه ينوب عنها. فإذا جاء اسم مرفوع لكن ليس فيه ضمة، نقول: الموجود نائب عن الضمة. أو جاء اسم منصوب لكن ليس فيه فتحة، نقول: الموجود نائب عن الفتحة. أو جاء اسم مجرور لكن ليس فيه كسرة، فالموجود نائب عن الكسرة. أو جاء فعل مجزوم لكن ليس فيه سكون يكون الحذف نائبًا عن السكون. إذًا: صارت العلامات الأربع -وهي الضمة والفتحة والكسرة والسكون- لها نواب إذا غابت، وقد مثل المؤلف لما ينوب بقوله: (نحو: جا أخو بني نمر). جاء: فعل ماض. أخو: فاعل والفاعل مرفوع بالضمة؛ لكن ليس عندنا هنا ضمة، فالذي عندنا (أخو)، وهو مرفوع بالواو، فالواو نائبة عن الضمة. بني: (أخو) مضاف و(بني): مضاف إليه، والمضاف إليه يكون مجرورًا بالكسرة، لكن هنا ليس عندنا كسرة، وإنما عندنا ياء، إذًا الياء نائبة عن الكسرة. وبني مضاف، ونمر: مضاف إليه. متى تأتي الواو نيابة عن الضمة، ومتى تأتي الياء نيابة عن الكسرة؟ هذه لها محلات سيذكرها المؤلف بالتفصيل. تنوب الواو عن الضمة في موضوعين: في الأسماء الخمسة أو الستة، وفي جمع المذكر السالم، ويأتي إن شاء الله.

4 / 5