183

شرح العقيدة الطحاوية - صالح آل الشيخ = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل

تصانيف

[المسألة الخامسة]:
هل لقي النبي ﷺ أجسادَ الأنبياء مع أرواحهم؟ أم إنه ﷺ لقي أرواحهم دون أجسادهم؟
العلماء لهم في ذلك قولان:
١- القول الأول:
قال طائفة من أهل العلم: لَقِيَ أرواحا وأجسادًا، واستدلوا على ذلك بدليلين:
- الدليل الأول: أن هذا هو الظاهر من الجَمْعْ - يعني من أنهم جُمِعُوا له وأنه كلّم آدم وكلّم فلان وكلّم فلان إلى آخره.
- والدليل الثاني: أنه جاء في أحد الروايات قوله (وبُعِثَتْ لي الأنبياء) وبَعْثَةُ الأنبياء له، تدلُّ على أَنَّ ذلك خاص في ذلك الموقف الخاص.
٢- القول الثاني:
أن ذلك إنما هو للأرواح دون الأجساد حاشا عيسى ﵇ فإنه رُفِعَ إلى السماء بروحه وجسده.
وفي إدريس قولان؛ إدريس ﵇ في السماء الرابعة فيه قولان، هل كان رفعه للسماء الرابعة بروحه فقط أم كان بروحه وجسده؟ وفي ذلك خلاف عند المفسرين وعند أهل العلم مأخوذ أو تجده عند قوله تعالى ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾ [مريم:٥٧] في قصة لا تثبت؛ يعني في قصة لسبب الرّفع لا تثبت.
* والأظهر من القولين عندي أنَّ ذلك كان بالأرواح دون الأجساد خلا عيسى ﵇؛ وذلك أنَّ النبي ﷺ حين التقى بالأنبياء وصلوا معه ﷺ:
- إما أن يُقال صَلَّوا معه بأجسادهم، وقد جُمِعَت أجسادهم له من القبور، ثم رَجعت إلى القبور وبقيت أرواحهم في السماء.
- وإما أن يُقال هي بالأرواح فقط؛ لأنَّهُ لقيهم في السماء.
ومعلوم أنَّ الرّفع إنما خُصَّ به عيسى ﵇ إلى السماء رَفْعًا حيًّا، وكونهم يُرْفَعُون بأجسادهم وأرواحهم إلى السماء دائمًا ولا وجود لهم في القبور، هذا لا دليل عليه؛ بل يخالف أدلة كثيرة أنَّ الأنبياء في قبورهم إلى قيام الساعة.
فمعنى كونهم ماتوا ودُفنوا أنَّ أجسادهم في الأرض، وهذا هو الأصل.
ومن قال بخلافه قال هذا خاص بالنبي ﷺ أنه بُعِثَتْ له الأنبياء فَصَلَّى بهم ولقيهم في السماء.
وهذه الخصوصية لابد لها من دليل واضح، وكما ذكرت لك فالدليل التأمُّلي يعارضه.
وعلى كل هما قولان لأهل العلم من المتقدمين والمتأخرين.

1 / 183