تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي
الناشر
غراس للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
تصانيف
يتعرض له، أو أن يقحم فهمه القاصر في معرفته، فإنَّ هذا من أمحل المحال وأبطل الباطل.
ومما يقطع طمع العبد عن إدراك كيفية صفة الرب ﵎: علمه بعجزه وقصوره عن إدراك كيفية صفة كثير من المخلوقات، فإنَّه إن عجز عن إدراك كيفية صفة المخلوق، فهو عن معرفة كيفية صفة الخالق ﵎ أعجز.
وفي هذا الباب قصة لطيفة حصلت لعبد الرحمن بن مهدي ﵀ مع غلام كان يحاول معرفة كيفية صفة الرب جل وعلا، فقال له ابن مهدي: " بلغني أنك تتكلم في الرب وتصفه وتشبهه. قال: نعم، نظرنا فلم نر من خلق الله شيئًا أحسن من الإنسان. فأخذ يتكلم في الصفة والقامة، فقال له: رويدك يا بني، حتى نتكلم أول شيء في المخلوق، فإن عجزنا عنه فنحن عن الخالق أعجز. أخبرني عمَّا حدثني شعبة عن سعيد بن جبير عن عبد الله: ﴿لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ ١ قال: رأى جبريل له ستمائة جناح. فبقي الغلام ينظر. فقال: أنا أهون عليك، صف لي خلقًا له ثلاثة أجنحة، ورَكِّب الجناح الثالث منه موضعًا حتى أعلم. قال: يا أبا سعيد عجزنا عن صفة المخلوق، فأشهدك أني قد عجزت ورجعت " ٢
. ومما يقطع الطمع في إدراك كيفية صفات الله: قول المسلمين: الله أكبر أي: أكبر من كلِّ شيء، كما قال النبي ﷺ لعدي بن حاتم عندما دعاه إلى الإسلام، قال: " ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله؟ فهل تعلم من إله سوى
١ الآية ١٨ من سورة النجم. ٢ رواه اللالكائي في شرح الاعتقاد ٣/٥٣٠، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٩/١٩٦ - ١٩٧ واللفظ له.
1 / 57