إدراج المتن
الصنف الثاني من أقسام الإدراج: الإدراج في المتن: وهو زيادة في سياق الحديث من غير النبي ﷺ فتكون من التابعي أو من تابع التابعي.
والإدراج في المتن يكون في أول المتن وهذا قليل جدًا بل نادر.
الثاني: إدراج في وسط الحديث.
وهذا أكثر من الأول لكنه أيضًا قليل.
وغالب الإدراج يكون في آخر الحديث.
مثال الإدراج في أول الحديث: حديث أبي هريرة ﵁ وأرضاه قال: (أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار) هذا المتن ظاهره عن النبي ﷺ، لكن في رواية البخاري بينها شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة ﵁ وأرضاه قال: (أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم قال: ويل للأعقاب من النار).
هذا واضح جدًا أن أبا هريرة أمر الناس فقال: (أسبغوا الوضوء)، ثم قال: (فإن أبا القاسم قال: ويل للأعقاب من النار).
النوع الثاني: إدراج وسط الحديث: كما في حديث عائشة ﵁ وأرضاها في كيفية نزول الوحي، قالت: عائشة (كان رسول الله ﷺ يتحنث في غار حراء) جاء في الحديث: (والتحنث التعبد)، وهذا ليس من عائشة بل من الزهري، فهو الذي فسر، وهذا الإدراج تفسير، لكن لا بد أن يبين الراوي ويوضح أن هذا ليس من كلام النبي ﷺ.
ومنه أيضًا: ما رواه هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة بن الزبير عن بسرة بنت صفوان مرفوعًا للنبي ﷺ (من مس ذكره أو أنثييه أو رتقه -وهو أعلى الفخذ- فليتوضأ).
هذا الحديث رواه عبد الحميد بن جعفر عن هشام والصحيح أن الحديث (من مس ذكره فليتوضأ) هذا الحديث المرفوع، لكن: (من مس ذكره أو أنثييه أو رتقه) هذا كلام عروة بن الزبير.
والذي أظهر لنا ذلك: أن جماعة رووا عن هشام منهم أيوب السختياني وحماد بن زيد كل هؤلاء رووا عن هشام واختصروا في الحديث، قالوا عن رسول الله ﷺ أنه قال: (من مس ذكره فليتوضأ)، ولم يذكروا أنثييه ولا رتقه، فهذه دلالة على أن هذا إدراج، وأن هذا من قول عروة بن الزبير.
من أمثلة الإدراج في آخر الحديث: حديث مشهور جدًا عن أبي هريرة وهو صحيح: أن النبي ﷺ قال: (للعبد المملوك أجران، والذي نفسي بيده! لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك).
هذا الحديث فيه إدراج، ومن هنا يبدأ الإدراج: (والذي نفسي بيده! لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك)، وسبب معرفة ذلك أولًا: أن أم النبي كانت قد توفيت.
ثانيًا: أن مقام النبوة لا يلائم مقام الرق، بل هو فوقه فكيف يتمنى مقام الرق؟ فيظهر أن هذا مدرج من كلام أبي هريرة ﵁ وأرضاه.
أيضًا من الأمثلة للإدراج في آخر الحديث: حديث ابن مسعود أنه بعدما تعلم التشهد من النبي ﷺ جاءه أبو خيثمة وهو زهير بن حرب فروى عن ابن مسعود التشهد إلى قوله: (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله)، ثم قال: وإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد.
وهذا الكلام الأخير مدرج من كلام ابن مسعود.
14 / 7