شرح العقيدة الواسطية للهراس
الناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٥ هـ
مكان النشر
الخبر
تصانيف
التَّوْرَاةَ بِيَدِهِ، وَغَرَسَ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ» (١) .
فَتَخْصِيصُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِالذِّكْرِ مَعَ مُشَارَكَتِهَا لِبَقِيَّةِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي وُقُوعِهَا بِالْقُدْرَةِ دالٌّ عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِأَمْرٍ زَائِدٍ.
وَأَيْضًا؛ فَلَفْظُ الْيَدَيْنِ بِالتَّثْنِيَةِ لَمْ يُعرف اسْتِعْمَالُهُ إِلَّا فِي الْيَدِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَلَمْ يَرِدْ قَطُّ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ أَوِ النِّعْمَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ: خَلَقَهُ اللَّهُ بِقُدْرَتَيْنِ أَوْ بِنِعْمَتَيْنِ. عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ الْيَدَيْنِ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ أَوِ الْقُدْرَةِ أَوْ غَيْرِهِمَا إِلَّا فِي حَقِّ مَنِ اتَّصَفَ بِالْيَدَيْنِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ: لِلرِّيحِ يَدٌ، وَلَا لِلْمَاءِ يَدٌ.
وَأَمَّا احْتِجَاجُ المعطِّلة بِأَنَّ الْيَدَ قَدْ أُفْرِدَتْ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ، وَجَاءَتْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فِي بَعْضِهَا؛ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ؛ فَإِنَّ مَا يُصْنَعُ بِالِاثْنَيْنِ قَدْ يُنسب إِلَى الْوَاحِدِ؛ تَقُولُ: رَأَيْتُ بِعَيْنِي، وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي، وَالْمُرَادُ: عَيْنَايَ، وَأُذُنَايَ. وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ يَأْتِي بِمَعْنَى الْمُثَنَّى أَحْيَانًا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
_________
(١) رواه الدارقطني في «الصفات» (ص٤٥) بتحقيق الفقيهي. والبيهقي في «الأسماء والصفات» (ص٤٠٣)؛ من حديث الحارث بن نوفل مرفوعًا.
وصحّ عن ابن عمر ﵄ أنه قال:
«خلق الله أربعة أشياء بيده: العرش، والقلم، وآدم، وجنة عدن. ثم قال لسائر الخلق: كن. فكان» .
قال الذهبي في «العلو»:
«إسناده جيد» .
وقال الألباني في «مختصر العلو» (ص١٠٥):
«سنده صحيح على شرط مسلم» .
1 / 116