شرح العقيدة الواسطية للهراس
الناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٥ هـ
مكان النشر
الخبر
تصانيف
وَ﴿إِلَى﴾ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ. وَالتَّقْدِيرُ: ثَوَابَ رَبِّهَا مُنْتَظِرَةٌ؛ فَهُوَ تَأْوِيلٌ مُضْحِكٌ.
وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ؛ فَتُفِيدُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ، وَهُمْ عَلَى أَرَائِكِهِمْ - يَعْنِي: أَسِرَّتَهم، جَمْعُ أَرِيكَةٍ - يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ.
وَأَمَّا الْآيَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ؛ فَقَدْ صحَّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ تَفْسِيرُ الزِّيَادَةِ بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ ﷿ (١) .
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي حَقِّ الْكُفَّارِ: ﴿كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ﴾ (٢)، فدلَّ حَجْبُ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ أولياءَه يَرَوْنَهُ.
وَأَحَادِيثُ الرُّؤْيَةِ مُتَوَاتِرَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، لَا يُنْكِرُهَا إِلَّا مُلْحِدٌ زِنْدِيقٌ.
وَأَمَّا مَا احتجَّ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ؛﴾؛ فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْإِدْرَاكِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الرُّؤْيَةِ، فَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَبْصَارَ تَرَاهُ، وَلَكِنْ لَا تُحِيطُ بِهِ رُؤْيَةٌ؛ كَمَا أَنَّ الْعُقُولَ تَعْلَمُهُ وَلَكِنْ لَا تُحِيطُ بِهِ عِلْمًا؛ لِأَنَّ الْإِدْرَاكَ هُوَ الرُّؤْيَةُ عَلَى جِهَةِ الْإِحَاطَةِ، فَهُوَ رُؤْيَةٌ خَاصَّةٌ، وَنَفْيُ الْخَاصِّ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ مُطْلَقِ الرُّؤْيَةِ.
(١) يشير إلى ما رواه مسلم في الإيمان، (باب: إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربَّهم ﷿ (٣/٢٠-نووي)، والترمذي في صفة الجنة، (باب: ما جاء في رؤية الرب ﵎ (٧/٢٦٧-تحفة)، وابن ماجة في المقدمة، (باب: فيما أنكرت الجهمية)، وأحمد في «المسند» (٤/٣٣٢)، وفيه أنه ﷺ قال: «... فيكشف الحجاب، فما أُعْطُوا شيئًا أحبَّ إليهم من النَّظَر إلى ربِّهم ﷿، ثمَّ تلا هذه الآية: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ . (٢) سورة المطففين: (١٥) .
1 / 157