شرح العقيدة الواسطية للهراس

محمد خليل هراس ت. 1395 هجري
130

شرح العقيدة الواسطية للهراس

الناشر

دار الهجرة للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤١٥ هـ

مكان النشر

الخبر

تصانيف

الكرَّامية (١) . وَيَطُولُ بِنَا الْقَوْلُ لَوِ اشْتَغَلْنَا بمناقشة هذه الأقول وَإِفْسَادِهَا، عَلَى أَنَّ فَسَادَهَا بيِّنٌ لِكُلِّ ذِي فهمٍ سليمٍ، ونظرٍ مستقيمٍ. وخلاصةُ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ متكلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَأَنَّ الْكَلَامَ صِفَةٌ لَهُ قَائِمَةٌ بِذَاتِهِ، يتكلَّم بِهَا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، فَهُوَ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ متكلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَمَا تكلَّم اللَّهُ بِهِ فَهُوَ قائمٌ بِهِ لَيْسَ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا عَنْهُ؛ كَمَا تَقُولُ الْمُعْتَزِلَةُ، وَلَا لَازِمًا لِذَاتِهِ لُزُومَ الْحَيَاةِ لَهَا؛ كَمَا تَقُولُ الْأَشَاعِرَةُ؛ بَلْ هُوَ تابعٌ لِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ نَادَى مُوسَى بصوتٍ، وَنَادَى آدَمَ وَحَوَّاءَ بصوتٍ، وَيُنَادِي عِبَادَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بصوتٍ، ويتكلَّم بِالْوَحْيِ بصوتٍ، وَلَكِنَّ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ الَّتِي تكلَّم اللَّهُ بِهَا صِفَةٌ لَهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَلَا تُشْبِهُ أَصْوَاتَ الْمَخْلُوقِينَ وَحُرُوفَهُمْ؛ كَمَا أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ لَيْسَ مِثْلَ عِلْمِ عِبَادِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُمَاثِلُ الْمَخْلُوقِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ. وَالْآيَتَانِ الْأُولَيَانِ هُنَا - وَهُمَا مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ - تَنْفِيَانِ أَنْ يَكُونَ أحدٌ أصدقَ حَدِيثًا وَقَوْلًا مِنَ اللَّهِ ﷿، بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ أَصْدَقُ مِنْ كُلِّ أحدٍ فِي كُلِّ مَا يُخْبِرُ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِالْحَقَائِقِ المخبَرِ عَنْهَا أَشْمَلُ وَأَضْبَطُ، فَهُوَ يَعْلَمُهَا عَلَى مَا هِيَ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَعِلْمُ غَيْرِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى....﴾ إلخ؛ فَهُوَ حكايةٌ لِمَا

(١) هم أتباع أبي عبد الله محمد بن كرَّام السجستاني، المتوفى سنة (٢٥٥هـ)، وهم مشبِّهة مجسِّمة مرجئة، ينقسمون إلى اثنتي عشرة فرقة.

1 / 150