شرح العقيدة الواسطية للهراس
الناشر
دار الهجرة للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٥ هـ
مكان النشر
الخبر
تصانيف
مَكْرًا.
وَقَدْ فسَّر بَعْضُ السَّلَفِ مَكْرَ اللَّهِ بِعِبَادِهِ بِأَنَّهُ اسْتِدْرَاجُهُمْ بالنِّعم مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، فَكُلَّمَا أَحْدَثُوا ذَنْبًا أَحْدَثَ لَهُمْ نِعْمَةً؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
«إِذَا رأيتَ اللَّهَ يُعطي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا مَا يحبُّ وَهُوَ مقيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ؛ فَاعْلَمْ أَنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُ اسْتِدْرَاجٌ» (١) .
وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي شَأْنِ عِيسَى ﵇ حِينَ أَرَادَ الْيَهُودُ قَتْلَهُ، فَدَخَلَ بَيْتًا فِيهِ كوَّةٌ، وَقَدْ أيَّده اللَّهُ بِجِبْرِيلَ ﵇، فَرَفَعَهُ إِلَى السَّمَاءِ مِنَ الْكُوَّةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ يَهُوذَا؛ ليدلَّهم عَلَيْهِ فَيَقْتُلُوهُ، فَأَلْقَى اللَّهُ شبهَ عِيسَى عَلَى ذَلِكَ الْخَائِنِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ عِيسَى؛ خَرَجَ إِلَيْهِمْ وَهُوَ يَقُولُ: مَا فِي الْبَيْتِ أحدٌ. فَقَتَلُوهُ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ عِيسَى، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ (٢) .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَكَرُوا مَكْرًا ...﴾ إِلَخْ؛ فَهِيَ فِي شَأْنِ الرَّهْطِ
_________
(١) (صحيح) . رواه أحمد في «المسند» (٤/١٤٥)، وتتمته:
«ثم تلا: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ﴾» . الأنعام: (٤٤) .
حسَّن إسناده العراقي في «تخريج الإحياء» (٤/١٣٢)، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٤١٣) .
(٢) ذكر هذا المعنى ابن كثير في «التفسير» (٢/٣٧) دون أن يعزوه لأحد، وذكره ابن جرير بسنده إلى السُّدي (٦/٤٥٤-شاكر)، وعزاه ابن الجوزي في «زاد المسير» (١/٣٩٥) لابن عبَّاس.
1 / 124