شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

ابن جبرين ت. 1430 هجري
114

شرح العقيدة الطحاوية - ابن جبرين

تصانيف

اجتماع الإرادة الشرعية والقدرية في إيمان المؤمن وعمله الصالح هو يقول: كل ما في الوجود من الحوادث فهو مراد كونًا وقدرًا، ولكن قد لا يكون محبوبًا، قد يكون محبوبًا كالطاعات وقد يكون مكروهًا كالمعاصي، وكل الطاعات التي تحدث من أهلها فإنها مرادة دينًا وشرعًا، أرادها الله دينًا وشرعًا، فهي مرادة ومحبوبة. يعني: أن الله تعالى أراد الإيمان من الناس كلهم دينًا وشرعًا، ولكن تحقق ذلك في المؤمنين، فأصبح إيمان المؤمنين وأعمالهم الصالحة مجتمعًا فيها الإرادتان: الشرعية، والكونية القدرية، فإيمان المؤمنين وصلاتهم وعباداتهم مرادة كونًا وقدرًا لوجودها، ومرادة دينًا وشرعًا للأمر بها ولمحبتها. ومع ذلك فإن على المسلم أن يسأل ربه الهداية، حتى ييسر له هذه الأسباب ويجعله من أهلها، فإذا قام بالأسباب وفعلها رُجي بذلك أن يكون ممن أراد الله تعالى هدايته كونًا وقدرًا، ووفقه لذلك دينًا وشرعًا، ولا يبقى على حاله التي هو عليها ويقول: ما أراد الله هدايتي، ويستمر على الضلال والعياذ بالله، فإن الذين يحتجون بالقدر يحتجون به في أمر دون أمر، حيث إنهم لا يسلمون ذلك في الأمور الدنيوية بل تراهم مجدين ومجتهدين ومشمرين، بخلاف أمورهم الدينية فإنهم يحتجون بالقضاء وبالقدر، ويحتجون بأن الله ما أراد منهم كذا وكذا، فيقال لهم: الباب واحد، فإذا اجتهدتم في أمور الدنيا فاجتهدوا في أمور الدين، والله تعالى هو الموفق لمن أراد الخير والعمل الصالح.

10 / 14