التعليق والإيضاح على تفسير الجلالين - جـ ١
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م
تصانيف
وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)﴾ [البقرة: ٣٤]:
يذكِّرُ - تعالى - بقوله للملائكة: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾، والقول المشار إليه في الآية هو قولُه تعالى للملائكة: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢)﴾ كما في سورة الحِجر وص [الحجر: ٢٩، ص: ٧٢]، فالمعنى في الآية: اذكرْ حين قلنا للملائكة: ﴿اسْجُدُوا﴾، و«إذ» ظرفٌ في موضعِ المفعول به لـ «اذكرْ» المقدَّر. وقوله: ﴿اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا﴾: أي سجد الملائكة كلُّهم أجمعون كما في سورة الحجر وص. وقوله: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤)﴾: أي إنَّ إبليس لم يسجد لآدمَ، منعَه من السجود الاستكبارُ، فصار بذلك من الكافرين كما هو في علمِ الله، والصواب: أنَّ إبليسَ لم يكن من الملائكة بل مِنْ الجنِّ (^١)؛ لقوله - تعالى - في الكهف: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٠].
﴿وَ﴾ اذكُرْ ﴿إذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم﴾ سجودَ تحيةٍ بالانحناء ﴿فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيس﴾ هو أبو الجنِّ، كان بين الملائكةِ ﴿أَبَى﴾ امتنعَ من السجود ﴿وَاسْتَكْبَرَ﴾ تكبَّرَ عنه وقال: أنا خيرٌ منه ﴿وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾ في علمِ الله.
(^١) وهذا قول الحسن والزهري وقتادة وابن زيد وجماعة، والذي حققه ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (٤/ ٣٤٦): «أن الشيطان كان من الملائكة باعتبار صورته، وليس منهم باعتبار أصله، ولا باعتبار مثاله». ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٥٣٥ - ٥٤٣)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (٧/ ٢٣٦٦)، و«آكام المرجان في أحكام الجان» للشبلي (ص ٢٠٩ - ٢١٢).
1 / 95