فجاءت المعطلة فأخذوا بجانب النفي والتنزيه فقط، وقالوا لا يسمع ولا يبصر، وليس له يد ولم يستو لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وإذا أثبتنا اليد والعين والنزول والرؤية، أصبح الإله من المخلوقات الممكنات، وأصبح له أعضاء والعياذ بالله، فقدموا أمورًا لم ترد في كتاب الله ولا سنة رسوله، وقالوا نَحْنُ ننزه الله وننفي هذه كلها، ولو كانت في الكتاب والسنة، فإننا نأولها ونردها وننفيها حتى ننزه الله ﷾ عنها، فأخذوا حظًا مما ذكروا به لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: ١١] هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:٦٥] وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:٤] ونفوا صفات الله ﷿ بمثل هذه الآيات.
وبالمقابل جاءتالمشبهة ونسوا حظًا مما ذكروا به، وتركوا الآيات التي جاءت في تنزيه الله ﷾، وأثبتوا لله ﷾ الصفات كما يليق بالمخلوق -تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا- مشابهين في ذلك لليهودعندما قالوا: إن الله ﵎ -كما هو مذكور في التوراة- خلق السموات والأرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع والعياذ بالله!
فجعلوا الله ﷾ يتعب ويلغب، كما يلغب ابن آدم إذا عمل عملًا ما، ولذلك نفى الله ﷾ ذلك فقَالَ: وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ [ق:٣٨] أي: لم يمسنا التعب ولا النصب ولا اللغب، وردّ عليهم، فجاء هَؤُلاءِ المشبهة، وأخذوا من اليهودالتشبيه وزادوا عليهم فَقَالُوا: له يد كيدنا، فجعلوا صفات الله ﷿ مثل صفات المخلوق.
1 / 43