وأما تأخير غسل القدمين، فجاء في حديث ميمونة، وعائشة لم تذكر ذلك، فالظاهر أن التقديم والتأخير كلاهما سنة، فروت كل واحدة منهما ما رأت.
قال المؤلف ﵀: (ثم التَّيامُنُ)
أي أن البَدء بالميامن مستحب، وذلك لما صحّ عنه ﷺ أنه كان يبدأ بشقِّ رأسه الأيمن، وهو في «الصحيح» (١).
وجاء في «الصحيح» عن عائشة، قالت: «كنا إذا أصابت إحدانا جنابة أخذت بيديها ثلاثًا فوق رأسها، ثم تأخذ بيدها على شقها الأيمن، وبيدها على شقها الأيسر» (٢).
وهذه تدل على استحباب البدء باليمين من الرأس والجسم.
قال: (فصلٌ: ويُشْرَعُ لصَلاةِ الجُمُعة)
غسل الجمعة مستحب، لقول النبي ﷺ: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلمٍ» متفق عليه (٣)، وقوله: «إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل» متفق عليه (٤).
قال الإمام الشافعي ﵀: «احتمل الوجوب هنا معنيين، الظاهر منهما أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، واحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة ونفي تغير الريح عند اجتماع الناس، كما يقول الرجل للرجل: وجب حقك عليّ إذا رأيتني موضعًا لحاجتك» (٥).
ثم رجّح المعنى الثاني مع أن الأول هو الظاهر، ولكنه أتى بدليل يدلّ على أن المعنى الثاني هو الظاهر بالدليل، وهو المؤول.
والدليل الذي استدلّ به، حديث عمر: عندما دخل عثمان يوم الجمعة وعمر على المنبر يخطب، أنكر عمر على عثمان تأخّره، فاعتذر عثمان بأنه انشغل في السوق ثم جاء لما
_________
(١) أخرجه البخاري (٢٥٨)، ومسلم (٣١٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٧).
(٣) أخرجه البخاري (٨٥٨)، ومسلم (٥) عن أبي سعيد الخدري ﵁.
(٤) أخرجه البخاري (٨٧٩)، ومسلم (٨٤٦).
(٥) «الرسالة» (ص ٣٠٣)، وانظر «فتح الباري» (٢/ ٣١٦).
1 / 51