وقد تقدم هذا الحديث، وهو قول النبي ﷺ: «إذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعله، فلينظر فيها، فإن رأى بها خبثًا فليمسحه بالأرض ثم ليصلِّ فيهما ...» أخرجه أحمد وغيره.
وكذا بالنسبة لذيل المرأة إذا مشت وأصابته نجاسة طهره ما بعده من تراب (١).
وكذلك دم الحيض، فإنه يطهّر بالكيفية التي وردت في السنة، سئل رسول الله ﷺ: المرأة يصيب ثوبها من دم الحيضة، كيف تصنع به؟ قال: «تحتّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه ثم تصلي فيه» (٢).
و(تحتّه) أي تحكّه لإزالة عين الدم.
(تقرصه) أي تدلك الدم بأطراف الأصابع، ليتحلّل ويخرج ما شربه الثوب منه.
(تنضحه) أي تغسله بالماء.
أما بول الذكر الرضيع فبالنضح كما تقدم.
وأما ما ورد عن الشارع أنه نجس ولم يرد فيه بيان كيفية تطهيره، فالواجب التخلص من العين النجسة حتى لا يبقى لها ريح ولا لون ولا طعم، لأن الشيء الذي يجد الإنسان ريحه أو طعمه، فقد بقي فيه جزء من العين، وإن لم يبقَ جرْمُها أو لونها، إذ وجود الرائحة لا يكون إلا عن وجود النجاسة التي وجدت رائحتها، وكذلك وجود الطعم لا يكون إلا عن وجود النجاسة التي وجد طعمها.
وهذا كله في كيفية تطهير النجاسة الوصفية، وأما العينية،
فقد قال المؤلف ﵀: (والاستِحَالَةُ مُطَهِّرةٌ لعدم وجود الوصف المحكوم عليه)
(الاستحالة): هي التحوّل، أي تغيّر الشيء عن طبعه ووصفه، فيصير شيئًا آخر كتحوّل العَذِرَة إلى رماد، وتحوّل الخنزير إلى ملح.
فالنجاسة العينية لا تطهر إلا بالاستحالة، وهي أن تتحوّل إلى شيء آخر مخالف للشيء الأول في حقيقته، كاستحالة العَذِرَة رمادًا.
_________
(١) لحديث أم سلمة زوج النبي ﷺ أن امرأة سألتها: إني أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر، فقالت أم سلمة: قال رسول الله ﷺ: «يطهِّره ما بعده»
أخرجه أحمد (٤٤/ ٢٨٣) رقم (٢٦٦٨٦)، وأبو داود (٣٨٣) وغيرهما.
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٧)، ومسلم (٢٩١) عن أسماء.
1 / 24