يكون إلا تسعة وعشرين أو ثلاثين يومًا، ولا يكون واحدًا وثلاثين يومًا أبدًا، فإن لم نتمكن من رؤية هلال رمضان أكملنا عدة شعبان ثلاثين يومًا ثم صمنا، لقوله ﷺ في حديث أبي هريرة: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (١).
«فإن غُّمَ عليكم» أي سُتِرَ وغُطِّيَ بالغيم أو بغيره بحيث أنكم لا تستطيعون رؤية الهلال، فأكملوا عدة الشهر ثلاثين يومًا.
فالشهر يدخل برؤية الهلال، أو بإكمال شهر شعبان ثلاثين يومًا، والرؤية تثبت برؤية عدل واحد من المسلمين.
قال ﵀: (ويصوم ثلاثين يومًا ما لم يظهر هلال شوال قبل إكمالها)
أي، يكون انتهاء شهر رمضان برؤية هلال شوال أو بإكمال رمضان ثلاثين يومًا إذا لم نر هلال شوال قبل ذلك، ودليله حديث ابن عمر: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له» (٢)، وفي رواية: «فاقدروا له ثلاثين»، وفي رواية «فأكملوا العدة ثلاثين».
وجميع العلماء على أن هلال شوال يُشترط له عدلان ولا يكفي واحد كما هو الحال في دخول شهر رمضان، إلا أبا ثور، ووافقه ابن المنذر والشوكاني فذهبوا إلى أنه يُكتفى بواحد هنا قياسًا على هلال رمضان، واحتج الجمهور بحديث أمير مكة الحارث بن حاطب قال: «عهد إلينا رسول الله ﷺ أن نَنسُك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما» (٣).
فهذا الحديث يدل على أن الأصل في أمر الهلال شهادة عدلين، وأن المدار فيه على شاهدي عدل، ويستثنى منه هلال رمضان، لحديث ابن عمر المتقدم فمنطوقه أقوى دلالة من مفهوم هذا الحديث فيقدم عليه.
أي أن منطوق حديث ابن عمر يدل على أن الواحد العدل يُكتفى به في إثبات هلال رمضان، وهذا الحديث يُفهم منه بمفهوم المخالفة أن الواحد لا يُكتفى به، فالمنطوق يُقدم على المفهوم عند التعارض، هذا هو الصحيح، والله أعلم.
(١) أخرجه البخاري (١٩٠٩)، ومسلم (١٠٨١).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٦) ومسلم (١٠٨٠).
(٣) أخرجه أحمد (١٨٨٩٥)، وأبو داود (٢٣٣٨)، والدارقطني (٢١٩١).
1 / 210