والشاهد قوله «فذكروها بشر»، والذي ذُكِرَ بالشر ميت، ومع ذلك أقرهم النبي ﷺ فقال: «وجبت، إنكم شهداء الله في الأرض».
فإذا لو كان هناك مصلحة شرعية معتبرة فلا بأس، فلو قال أهل الحديث مثلًا: هذا الحديث ضعيف في سنده فلان كذاب، هالك ... إلخ، فهل هذا داخل في النهي؟
الجواب: لا، لأن هذا إنما ذكر لأجل حفظ الشريعة، لحفظ دين الله ﷾ وتمييز الحديث الصحيح من الحديث الضعيف.
كذلك الكلام في أهل البدع والضلال الذين انحرفوا في دين الله عن الجادَّة، لابد من بيان ما عندهم من أخطاء كي يحذر الناس من الوقوع في هذه البدع والضلالات والأخطاء.
قال المؤلف ﵀: (والتعزيةُ مشروعة)
لحديث أسامة بن زيد قال: كنا عند النبي ﷺ فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيًا لها - أو ابنًا لها - في الموت فقال للرسول: «ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمُرها فلتصبر ولتحتسب» (١).
والتعزية: هي التصبير، أي الحث على الصبر بذكر ما يُسَلّي المصاب ويخفف حزنه ويهون عليه مصيبته.
وتكون بكلمات كالكلمات التي قالها ﷺ لابنته، فإنه ﵊ لم يجمع الناس ويصنع الطعام ولم يفعل شيئًا من هذا، فكله لا أصل له في شرع الله، إنما التعزية كما فعل ﷺ، إذ أرسل إليها رسولًا يخبرها بكذا وكذا، ولكنها لم تقبل بالمُرْسَلِ حتى جاءها ﷺ، ووقف عليه ورأى روحه تفيض فبكى ﷺ وذكر أنها رحمة جعلها الله في قلوب عباده، ولكنه كما ذكرنا لم يفعل ما يفعل الناس ولم يتكلف تكلف الناس اليوم ولم يقع في الإسراف والتبذير وفي مجاوزة الحد الذي يقع فيه الناس اليوم، فهذه الأشياء التي تحصل فيها منكرات عظيمة وكثيرة جدًا من إسراف وتبذير ورياء وسمعة وغير ذلك من الأشياء التي لم يشرعها الله ﵎.
قال: (وكذلك إهداءُ الطعامِ لأهلِ الميتِ)
(١) أخرجه البخاري (١٢٨٤)، ومسلم (٩٢٣).
1 / 166