أخرى فقالوا: يا رسول الله صلِّ عليه، قال: «هل عليه دين؟» قيل: نعم، قال: «فهل ترك شيئًا؟» قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليه.
لأنه وإن كان عليه دين لكن وجِد ما يقضى به دينه.
ثم أتي بثالثة فقالوا: صلِّ عليها، قال: «هل ترك شيئًا؟»، قالوا: لا، قال: «فهل عليه دين؟» قالوا: ثلاثة دنانير - أي عليه ثلاثة دنانير-، قال: «صلوا على صاحبكم»، قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله، وعليّ دينه، فصلى عليه ﷺ (١).
فمن هذا الباب قال المؤلف ﵀ من السنة المبادرة لقضاء دين الميت حتى يرفع عنه الإثم وتبرأ ذمته منه.
وقد كان هذا في أول الأمر، ولما فتح الله على رسول الله ﷺ، قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا، فعليّ قضاءه، ومن ترك مالًا فلورثته» (٢).
فيستحب الإسراع بقضاء دين الميت عنه.
قال المؤلف ﵀: (وتَسْجِيَته)، أي تغطيته.
ويسن تغطيته بعد أن تخرج روحه بثوب يستر جميع بدنه، إلا إذا كان محرمًا، لحديث عائشة: «أنه ﵇ حين توفي سُجِّي ببردة حبرة» (٣) وهي ثوب يماني مخطط.
وأما المحرم فقد قال ﵇: «ولا تخمروا رأسه ووجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا» (٤).
يعني لا تغطوا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا
وقوله (وجهه) انفرد بها مسلم.
قال المؤلف ﵀: - ويجوز تقبيله)
أي يجوز تقبيل الميت ففي «الصحيح» أن أبا بكر الصديق ﵁ قبّل النبي ﷺ بعد موته (٥).
(١) أخرجه البخاري (٢٢٨٩)، عن سلمة بن الأكوع ﵁. (٢) أخرجه البخاري (٣٤٤٣)، ومسلم (١٦١٩) عن أبي هريرة ﵁. (٣) أخرجه البخاري (٥٨١٤)، ومسلم (٩٤٢) عن عائشة ﵂. (٤) أخرجه البخاري (٢٧١٤)،، ومسلم (١٢٥٦) عن ابن عباس ﵁. (٥) أخرجه البخاري (٤٤٥٥) عن عائشة وابن عباس ﵄.
1 / 135