التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

مصطفى الخالدي ت. 1398 هجري
66

التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي

الناشر

المكتبة العصرية-صيدا

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٩٧٣

مكان النشر

بيروت

تصانيف

التَّقْوَى المَسِيحِيَّةِ وَسُلُوكِ المَسِيحِيِّ (٨٨ وما بعدها، ٩٩)، وَخُصُوصًا مَا دَامَ طِفْلًا. وَهَكَذَا يَنْشَأُ الطَّالِبُ وَتَنْشَأُ مَعَهُ فَلْسَفَةٌ مَسِيحِيَّةٌ لِلْحَيَاةِ» (ص ٣٠). وقبل (دانبي) و(بنروز) ذكر المبشر المشهور (جون موط) نفسه كلامًا أكثر وضوحًا، وفي ما يتعلق بالتعليم بين الصغار خاصة، قال (١): «يَجِبُ أَنْ نُؤَكِّدَ فِي جَمِيعِ مَيَادِينِ (التَّبْشِيرِ) جَانِبَ العَمَلِ بَيْنَ الصِّغَارِ وَلِلْصِّغَارِ. وَبَيْنَمَا يَبْدُو مِثْلَ هَذَا العَمَلِ وَكَأَنَّهُ غَيْرِيَّةٌ، تَرَانَا مُقْتَنِعِينَ لأَسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَنْ نَجْعَلَهُ عُمْدَةَ عَمَلِنَا فِي البِلاَدِ الإِسْلاَمِيَّةِ. إِنَّ الأَثَرَ المُفْسِدَ فِي الإِسْلاَمِ يَبْدَأُ بَاكِرًا جِدًّا. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الأَطْفَالُ الصِّغَارُ إِلَى المَسِيحِ قَبْلَ بُلُوغِهِمْ الرُّشْدَ وَقَبْلَ أَنْ تَأْخُذَ طَبَائِعُهُمْ أَشْكَالَهَا الإِسْلاَمِيَّةً. إِنَّ اخْتِبَارَ الإِرْسَالِيَاتِ فِي الجَزَائِرِ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الأَمْرِ، وَكَمَا ظَهَرَ مِنْ بُحُوثِ مُؤْتَمَرِ شَمَالِ أَفْرِيقْيَا، اخْتِبَارٌ جَدِيدٌ وَمُقْنِعٌ ... وَهَكَذَا نَجِدُ أَنَّ وُجُودَ التَّعْلِيمِ فِي يَدِ المَسِيحِيِّينَ لاَ يَزَالُ وَسِيلَةً مِنْ أَحْسَنِ الوَسَائِلِ لِلْوُصُولِ إِلَى المُسْلِمِينَ». كَيْفَ تَخْتَارُ هَذِهِ المَدَارِسُ أَسَاتِذَتَهَا؟: والمؤلف لا يطلب من المعلم أن يكون مسيحيًا فحسب، «بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَسِيحِيًّا مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ وَأَنْ يُطَبِّقَ الحَيَاةَ المَسِيحِيَّةَ عَلَى المَبَادِئِ الاجْتِمَاعِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَالدَّوْلِيَّةِ» (ص ٣٠، ٣١). ولهذا كان المعلم الأجنبي أفضل من المعلم الوطني، وخصوصًا إذا كان المعلم الوطني مسلمًا. ثم يقول (دانبي): «ثُمَّ يَتَّسِعُ الشَّكُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ حِينَمَا نَأْتِي إِلَى اِسْتِخْدَامِ مُعَلِّمٍ غَيْرَ مَسِيحِيٍّ لِيُعَلِّمَ مَوْضُوعَاتٍ لاَ نَجِدُ لِتَعْلِيمِهَا مُعَلِّمًا مَسِيحِيًّا. أَجَلْ، إِنَّ البَرَاعَةَ فِي التَّعْلِيمِ لاَ صِلَةَ لَهَا بِدِينِ المُعَلِّمِ. وَمِمَّا لاَ رَيْبَ فِيهِ أَنَّ مُعَلِّمًا مُسْلِمًا ذَا خِبْرَةٍ بِمِهْنَتِهِ وَذَا كِفَايَةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ الجَانِبَ الشَّخْصِيَّ وَقُوَّةَ الخُلُقِ وَالشُّعُورِ بِالوَاجِبِ مَا يَجْعَلُ مِنْهُ مُعَلِّمًا يَبْعَثُ الحَيَاةَ فِي طُلاَّبِهِ أَوْ مُرَبِّيًا صَالِحًا. ثُمَّ هُوَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي طُلاَّبِهِ أَكْثَرَ مِنَ المُعَلِّمِ المَسِيحِيِّ المُجَرَّدِ مِنَ الصِّفَاتِ التِي يَتَّصِفُ بِهَا ذَلِكَ المُعَلِّمُ المُسْلِمُ. وَلَكْنَ إِذَا كَانَتْ الغَايَةُ مِنَ التَّعْلِيمِ فِي المَدَارِسِ المَسِيحِيَّةِ (كَمَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ) إِنَّمَا هِيَ تَزْوِيدُ الطُّلاَّبِ بِاسْتِشْرَافٍ مَسِيحِيٍّ لِلْحَيَاةِ، وَتَمْرِينٍ لَهُمْ عَلَى مُمَارَسَةِ المَبَادِئِ المَسِيحِيَّةِ وَتَقْرِيبِهِمْ مِنْ اخْتِبَارٍ شَخْصِيٍّ

(١) Mott، The Moslem World of To - Day ٣٧١ - ٣٧٢

1 / 68