آداب التربية في تراث الآل والأصحاب
الناشر
مبرة الآل والأصحاب
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٧ ه - ٢٠١٦ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
إلا أنه ﷺ لا يبدي ضَجَرًا، ولا يُظهِر تأفُّفًا؛ فضلًا عن أن يعاتب أو يلوم، بل في تواضعٍ ولينٍ «يدعو بماء، فينضح مكان بول الصبي، ولا يغسله» (^١)!
وفي مجلس آخر من مجالسه ﷺ مع أصحابه، يُؤتَى بثيابٍ فيها خميصة سوداء صغيرة، فيقول: «من ترون أن نكسو هذه؟» فسكت القوم، وترقبوا من سيدعو؟ هل سيدعو أحد أقاربه، وينحله هذه الخميصة لابنته؟ أو يلبسها هو لإحدى بناته؟
لا، لم يفعل، وإنما فاجأهم بقوله:
«ائتوني بأمِّ خالد».
وقد كان بإمكانه ﷺ أن يعطيها والدَها خالد بن سعيد ﵁ ليكسوَها إيَّاها، لكنه طلب إحضارها في مجلسه، فأُتي بها تُحمَل، وانتظر الجميع أن تنال الصغيرة شرف تسليم النبي ﷺ لها الخميصة بيده، وأن تنال ابتسامة ونظرة ودعوة منه، لكنَّ كرمَه النبوي كان فوق ما ينتظرون، وعطاءَه فوق ما يطمحون!
لقد فاجأهم أخرى فأخذ الخميصة بيده، فألبسها لأم خالد، وقال: «أَبْلِي وأَخْلِقِي، ثم أَبْلِي وأَخْلِقِي، ثم أَبْلِي وأَخْلِقِي»، وكان فيها علم أخضر أو أصفر، فقال: «يا أمَّ خالد، هذا سناه، هذا سناه» -وسناه
(^١) مُتَّفقٌ عليه: أخرجه البخاري (٢٢٣)، ومسلم (٢٨٧).
1 / 146