2109

موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام

الناشر

دار إيلاف الدولية للنشر والتوزيع (دار وقفية دعوية)

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

تصانيف

وكنسته، فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي ﷺ ترعد لحيته، وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة، فأنزل الله ﴿وَالضُّحَى﴾ إلى قوله ﴿فَتَرْضَى﴾ (١).
قال ابن حجر: قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف فالمعتمد ما في الصحيح (٢).
مثال آخر: عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها بضعة عشر شهرًا وكان يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو الله وينظر إلى السماء، فأنزل الله: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾. فارتاب من ذلك اليهود وقالوا - ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها، فأنزل الله: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾، وقال: ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾.
وعن ابن عمر قال: نزلت ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوّع.
ومن حديث عامر بن ربيعة قال: كنا في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله ﷺ فنزلت.
فالحديث الأول صحيح الإسناد وهو الذي صرح فيه بذكر السبب فهو المعتمد (٣).
المسألة الرابعة: أن يستوي الإسنادان في الصحة:
فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات.
مثال: عن ابن مسعود ﵁ قال: كنت أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب، فمر بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لو سألتموه! فقالوا: حدثنا عن الروح. فقام ساعة ورفع رأسه، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ حَتَّى صَعِدَ الْوَحْيُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ

(١) المعجم الكبير للطبراني ٦٣٦.
(٢) فتح الباري ٨/ ٥٨٠.
(٣) الإتقان ١/ ٩٣: ٩١.

4 / 151