موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

محمد راتب النابلسي ت. غير معلوم
44

موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

الناشر

دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني

رقم الإصدار

الثانية ١٤٢٦ هـ

سنة النشر

٢٠٠٥ م.

مكان النشر

جادة ابن سينا.

تصانيف

شيءٌ آخر ... الإنسانُ من الكائناتِ الثابتةِ حرارتُها، لكنْ كيف يواجهُ الإنسانُ الجوَّ الحارَّ، يواجهُه بملايينِ الغددِ العرقيةِ، والغددُ العَرَقِيَّةُ هي جهازٌ بالغُ الدقَّةِ في تكييفِ الجسمِ، فحينما تفرزُ هذه الغددُ السائلَ، وحينما يتمُّ التبادلُ الحروريُّ بين هذا الماءِ، وحرارةِ الجلدِ يكسبُ الماءُ من الجلدِ حرارتَه، وتخفُّ بذلك حرارةُ الجلدِ، إذًا فالتعرُّقُ وسيلةٌ بالغةُ الدقةِ والتعقيدِ، يتلافى بها الجسمُ ارتفاعَ الحرارةِ، فإذا انفخضتِ الحرارةُ عن الحدِّ المعقولِ يأتي الرَّجَفَانُ ليحرِّكَ العضلاتِ، وليولدَ حرارةً، ويقفُ شعرُ الجسمِ ليخزِّنَ كميةً من الهواءِ الساخنِ تعينُه على تلافي الجوِّ الباردِ، إذًا بالقشعريرةِ والتعرُّقِ يستطيعُ الجسمُ موجهةَ الجوِّ الحارِّ والباردِ. أمّا الدماغُ؛ فإذا أصابَ الأعصابَ الحسيةَ مؤثرٌ خارجيٌّ كالحرِّ، أو البردِ، أو الألمِ، أو الأثرِ الكيمائيِّ لا شكّ أنّ الإنسانَ يشعرُ بالألمِ، ولكن إذا بَلَغَ الألمُ حدًا لا يُطاقُ يفرزُ الدماغُ مادةً تخدِّرهُ، وهي مِن أرقى الموادِّ المخدِّرةِ حتى يغيبَ عن الألمِ، وهذا هو الإغماءُ، وهذا الإغماءُ سببَهُ أنّ الدماغَ يفرزُ مادةً تخدِّرُه، وتبعِدُه عن الإحساسِ بالألمِ. أرأيتم إلى هذا الإنسانِ المعجِزِ في خَلْقِه؟ تارةً فيه ثوابتُ، وتارةً فيه تغيراتٌ، ضرباتُ القلبِ ثابتةٌ، ولكنْ تصلُ عند الضرورةِ إلى مئةٍ وثمانين، ورؤيةُ العينِ ثابتةٌ، ولكنْ دونَ الستّةِ أمتارٍ تجري مطابقةٌ من أدقِّ العمليّاتِ في العَينِ، وحرارةُ الجسمِ ثابتةٌ، لكنَّ القشعريرةَ والتعرُّقَ وسيلتان يتكيَّفُ بهما الجسمُ مع الجوِّ الحارِّ والجوِّ الباردِ، والدماغُ يشعرُ بالألمِ بشكلٍ ثابتٍ، لكنْ حينما يزدادُ الألمُ يتدخلُ الدماغُ فيفرزُ مادةً تخدِّرُه، وهذه هي حالةُ الإغماءِ التي يعانِي منها الإنسانُ أحيانًا. الساعة البيولوجية لدى الإنسان

1 / 43