موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
الناشر
دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني
رقم الإصدار
الثانية ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م.
مكان النشر
جادة ابن سينا.
تصانيف
أمّا خطّةُ جهازِ المناعةِ في الدفاعِ عن الجسمِ فهي من الدقَّةِ، والتنسيقِ، والفعاليةِ، والذكاءِ الخارق، على نحوٍ عجيب، إنها خلايا الدمِ البيضاءُ، التي أدهشت العلماءَ؛ إنْ في نظامِ عملِها، أو في توزيعِ الأدوارِ القتاليةِ على أفرادِها، أو في تحقيقِ المهماتِ المنوطةِ بها، فبعْدَ ثوانٍ معدوداتٍ من اجتيازِ أيِّ جسمٍ غريبٍ لخطوطِ الدفاعِ الأولى والثانيةِ، تتوجَّهُ إلى الجسمِ الغريبِ.
وثمةَ كريّاتٌ مهمّتُها أخْذُ الشِّفْرَةِ الكيماويةِ الخاصّةِ بهذا العدوِّ، والاحتفاظُ بها، ثم نقْلُها إلى المراكزِ اللمفاويةِ، حيث تقومُ الخلايا المحصنةُ بتفكيكِ رموزِ هذه الشفرةِ تمهيدًا لصنعِ المصلِ المضادِّ.
وبعدَ صنعِ المصلِ المضادِّ تتوجّهُ الخلايا المقاتلةُ حاملةً هذا السلاحَ، وهو المصلُ، لتهاجمَ به الجسمَ الغريبَ، وبعدَ أن تصرَعَه بهذا السلاحِ الفعّالِ تأتي الخلايا اللاقمةُ لتنظيفِ ساحةِ المعركةِ من بقايا جثثِ الأعداءِ، ليعودَ الدمُ كما كان نقيًا سليمًا، وهذه الكريةُ البيضاءُ التي هي العنصرُ الأساسيُّ في جهازِ المناعةِ؛ لا يزيدُ قطْرُها على خمسةَ عشرَ ميكرونًا، ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: ٤] .
وهناك فرقةٌ في هذا الجيشِ، اكتُشِفَت حديثًا، وهي فرقةُ المغاويرِ، التي بإمكانِ عناصرِها اكتشافُ الخليةِ السرطانيةِ في وقتٍ مبكّرٍ جدًا، ثم تلتهمها.
أما قوله سبحانه: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ [التين: ٥]، فإنه يتحقق حينما ينحرفُ الإنسانُ عن منهجِ ربِّه، ويستجيبُ لنداءِ غريزتِه من دونِ ضابطٍ من شرعٍ، أو رادعٍ من فطرةٍ، أو زاجرٍ من عقلٍ، وعند ذلك يبطلُ عملُ هذا الجهازِ، ويموتُ الإنسانُ لأدنى مرضٍ، وما مرضُ نقصِ المناعةِ المكتسبُ؛ الذي يهدِّد العالَمَ المتفلِّتَ؛ إلا تأكيدٌ لهذه الحقيقةِ: ﴿ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ .
1 / 31