موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
الناشر
دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني
رقم الإصدار
الثانية ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م.
مكان النشر
جادة ابن سينا.
تصانيف
يستطيعُ الدماغُ أنْ يميِّزَ بين عشرةِ آلافِ رائحةٍ، لا أن يميِّزَ فحسب، بل يميّزُ ويتعرَّفُ، ففي الدماغِ ذاكرةٌ شَمِّيةٌ، فإذا شمَّ رائحةً تفاعلتْ مع أهدابِ الشمِّ، وشكّلتْ شكَلًا هندسيًا، أرسلَ إشارةً إلى الدماغِ، الدماغُ عنده عشرةُ آلافِ رائحةٍ، يمرِّرُها على كلِّ رائحةٍ، رائحةً رائِحةً، إلى أن تتطابقَ هذه مع تلك، يقولُ: هذا الياسمينُ، أو هذا الفُلُّ، أو هذا الزنبقُ، وكلُّ هذا يتمُّ في لمحِ البصرِ.
معروفٌ عند العلماءِ: "أنّ هذه الأهدابَ فيها خصائصُ عديدةٌ؛ إنها تستطيعُ استشعارَ رائحةٍ في تركيزٍ قليلٍ جدًا، نصفٌ بالمليونِ من الميليغرام في السنتيمترِ المكعبِ، هذه الأهدابُ تستشعرُ هذه الرائحةَ، وتنقلُها إلى الدماغِ، ويتعرَّفُ إليها، ويقولُ: أَشمُّ الرائحةَ الفلانيةَ".
الإنسانُ عندهُ وسائلُ يَعرِفُ بها المحيطَ الخارجيَّ، فالعينُ تَرَى، لكنْ ثمَّة أشياءُ لا تراها، وأنت في البيتِ، أو في المركبةِ، بل تسمعُها، فالسَّماعُ خطُّ دفاعٍ آخرُ، وثمّةَ أشياءُ لا تراها، ولا تسمعُها، فلو أنّ فأرةً ماتتْ في البيتِ، ما الذي يشعرُك بوجودِها؟ رائحتُها طبعًا، فكأنّ اللهَ جل في عُلاهُ جعلَ من الرائحةِ إشعارًا للإنسانِ بدقائقِ المحيطِ الخارجيِّ، هذا مِن فضلِ اللهِ تعالى على الإنسانِ.
مئةُ مليونِ خليةٍ، وكلُّ خليةٍ لها سبعةُ أهدابٍ، والهُدْبُ عليه سائلٌ مخاطيٌّ، فيه موادُّ دهنيةٌ مذيبةٌ، تتفاعلُ مع الروائحِ تفاعلًا كيماويًا، فينتجُ من هذا التفاعلِ شكلٌ هندسيٌّ، يرسلُ إشارةً إلى الدماغِ، الذي يميِّزُ بين عشرةِ آلافِ رائحةٍ، وتدرجُ هذه الرائحةُ على كلِّ الروائحِ تباعًا إلى أنْ تعرفَها، فتقولُ: هذه كذا.
إنّ تركيزَ الرائحةِ نصفٌ بالمليونِ من الميليغرامِ في السنتيمترِ المكعبِ، يكفي أنْ تشمَّ هذه الرائحةَ.
في رأسِ الكلبِ مئةُ مليونِ نهايةٍ عصبيةٍ للشمِّ، وطاقةُ بعضِ الحيواناتِ الشمِّيةِ تزيدُ مليونَ مرةٍ على طاقةِ الإنسانِ.
أُنثى الفَراشِ تجلبُ الذَّكَرَ من بُعْدِ نصفِ ميلٍ، عن طريقِ الشمِّ، وعن طريقِ إصدارِ بعضِ الروائحِ الكيماويةِ.
1 / 138