موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
الناشر
دار المكتبي-سورية-دمشق-الحلبوني
رقم الإصدار
الثانية ١٤٢٦ هـ
سنة النشر
٢٠٠٥ م.
مكان النشر
جادة ابن سينا.
تصانيف
لمّا كان الرُّسُلُ قبْل محمَّدٍ ﷺ يُبعَثون إلى أقوامِهم خاصّةً، ولأزمنةٍ محدودةٍ، فقد أيّدهم اللهُ ببيناتٍ حسيةٍ، مثلُ: عصا موسى ﵇، وإحياءِ الموتى بإذنِ الله على يدِ عيسى ﵇، وتستمرُّ هذه البياناتُ الحسِّيّةُ محتفِظةً بقوّةِ إقناعِها في الزمنِ المحدّدِ لرسالةِ كلِّ رسولٍ، حتى إذا تطاولَ الزمنُ، وتقادمَ، وتكدّرَ نبعُ الرسالةِ الصافي، اختفتْ قوّةُ الإقناعِ الحسِّيةُ، وبَعث الله رسولًا آخرَ بالدِّينِ الذي يرضاه، وبمعجزةٍ جديدةٍ، وبيِّنةٍ مشاهَدَةٍ، ولمّا خَتَمَ اللهُ النبوةَ بمحمّدٍ ﷺ ضَمِنَ له حِفْظَ دِينِه، وأيّده ببيّنةٍ كبرى، تَبقى بين أيدي الناسِ إلى قيامِ الساعة، قال تعالى:
﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شهادة قُلِ الله شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هاذا القرآن لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ﴾ [الأنعام: ١٩] .
وقال تعالى: ﴿لاكن الله يَشْهَدُ بِمَآ أَنزَلَ إِلَيْكَ﴾ [النساء: ١٦٦] .
وفي هاتين الآيتين اللتين نَزَلَتا ردًا على تكذيبِ الكافرين بنبوّةِ محمَّدٍ ﷺ بيانٌ لطبيعةِ المعجزةِ العلميةِ التي تبقى بين أيدي الناسِ، وتتجدَّدُ مع كلِّ فتحٍ بشريٍّ، في آفاقِ العلومِ والمعارفِ، ذاتِ الصلةِ بمعاني الوحيِ الإلهيِّ.
وهكذا تَسْطَعُ بيِّنةُ الوحيِ المنزَّلِ على محمَّدٍ ﷺ بما نَزَل فيه مِن علمٍ إلهيٍّ يدرِكُه الناسُ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، ويتجدَّد على مرِّ العصورِ والدهورِ، ولذلك قال ﵊: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلاَّ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُه آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّما كَانَ الَّذِي أَوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامةِ".
1 / 11