172

موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية

تصانيف

تترجم الإشكاليات السابقة نفسها إلى إشكالية الموضوعي والذاتي، فإذا كان الإنسان كيانًا طبيعيًا ماديًا فبالإمكان رصده بشكل مادي براني وكأنه شيء بين الأشياء، وهو شيء لا تفرُّد فيه ومن ثم يمكن رده باعتباره جزءًا إلى الكل الطبيعي/المادي يسري عليه ما يسري على الكائنات المادية الأخرى، ومن ثم لا يوجد فارق بين الجزء الإنساني والكل الطبيعي/المادي، فتمحي كل الثنائيات وتُرد كل الظواهر إلى مبدأ (مادي) واحد وننتهي في الواحدية الموضوعية المادية. أما إذا كان الإنسان كيانًا مركبًا يحوي عناصر مادية تُرد إلى عالم الطبيعة/المادة وعناصر غير مادية، فالرصد البراني، الموضوعي المادي، يصبح غير كاف، ويصبح كل إنسان فرد كيانه مستقل عن الكل، ولا يسقط الإنسان في قبضة الواحدية الموضوعية المادية.
وليام ديلتاى (١٨٣٣ – ١٩١١ (
عالم اجتماع ألماني، كان قليل الكتابة، ويعود إسهامه الأساسي في محاولته التنبيه إلى أن ثمة فارقًا جوهريًا بين الظاهرة الطبيعية والظاهرة الإنسانية. وقد أكد ديلتاي أن معرفة الإنسان من خلال الملاحظة البرانية وتبادل المعلومات الموضوعية المادية عنه أمر غير ممكن، فهو كائن ذو قصد، أي أن سلوكه تحدده دوافع إنسانية جوانية (معنى - ضمير - إحساس بالذنب - رموز - ذكريات الطفولة - تأمل في العقل) يصعب شرحها وشرح أسبابها. والإنسان لا يعيش منعزلًا وإنما يتفاعل مع الآخرين وتتحدد تجربته الشخصية من خلال هذا التفاعل. ولكل هذا، لا يمكننا أن نشرح الإنسان وسلوكه بشكل براني أو نخضعه للتجريب.

1 / 172