موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية

مجموعة من المؤلفين ت. غير معلوم
85

موسوعة الأخلاق الإسلامية - الدرر السنية

الناشر

موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net

تصانيف

قال السعدي في تفسيره لهذه الآية: (عظم تعالى شأن الأمانة، التي ائتمن الله عليها المكلفين، التي هي امتثال الأوامر، واجتناب المحارم، في حال السر والخفية، كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا تحتيم، وأنك إن قمت بها وأدَّيتِهَا على وجهها، فلكِ الثواب، وإن لم تقومي بها، ولم تؤديها فعليك العقاب. فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا أي: خوفًا أن لا يقمن بما حُمِّلْنَ، لا عصيانًا لربهن، ولا زهدًا في ثوابه، وعرضها الله على الإنسان، على ذلك الشرط المذكور، فقبلها، وحملها مع ظلمه وجهله، وحمل هذا الحمل الثقيل) (١). - وقال تعالى في ذكر صفات المفلحين وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المؤمنون: ٨] (أي: مراعون لها، حافظون مجتهدون على أدائها والوفاء بها، وهذا شامل لجميع الأمانات التي بين العبد وبين ربه، كالتكاليف السرية، التي لا يطلع عليها إلا الله، والأمانات التي بين العبد وبين الخلق، في الأموال والأسرار) (٢). - والقرآن حكى لنا قصة موسى حين سقى لابنتي الرجل الصالح ورفق بهما وكان معهما عفيفًا أمينا: وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ [القصص: ٢٣ - ٢٦] الترغيب في الأمانة من السنة النبوية: - عن أبي هريرة- ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك» (٣). قال ابن عبد البر في التمهيد: (وهذا معناه عند أهل العلم لا تخن من خانك بعد أن انتصرت منه في خيانته لك والنهي إنما وقع على الابتداء أو ما يكون في معنى الابتداء كأنه يقول ليس لك أن تخونه وإن كان قد خانك كما من لم يكن له أن يخونك أولا وأما من عاقب بمثل ما عوقب به وأخذ حقه فليس بخائن وإنما الخائن من أخذ ما ليس له أو أكثر مما له) (٤). عن عبد الله بن عباس ﵄ قال: (أخبرني أبو سفيان أن هرقل قال له: سألتك ماذا يأمركم فزعمت أنه يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. قال: وهذه صفة نبي) (٥).

(١) «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان» للسعدي (ص ٦٧٣). (٢) «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان» للسعدي (ص ٨٨٧). (٣) رواه أبو داود (٣٥٣٥)، والترمذي (١٢٦٤)، والدارمي (٢٦٣٩) من حديث أبي هريرة ﵁. قال الإمام الشافعي كما في «السنن الكبرى للبيهقي» (١٠/ ٢٧١): ليس بثابت. وقال الإمام أحمد كما في «خلاصة البدر المنير» (٢/ ١٥٠): باطل لا أعرفه عن النبي ﷺ من وجه صحيح، وله طرق ستة كلها ضعاف. وقال أبو حاتم الرازي في «المحرر» (٣٢٨): منكر. (٤) «التمهيد» لابن عبد البر (٢٠/ ١٥٩). (٥) رواه البخاري (٧).

1 / 84