موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية
الناشر
موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net
تصانيف
المبحث الخامس: الفرقة والاختلاف عذاب وعقوبة
إن الفرقة والاختلاف عذاب وعقوبة من الله ﷿ للأمة حينما تعصيه، أما الاجتماع والائتلاف فهو رحمة بالأمة ونعمة من الله على عباده المؤمنين. لقد أمر الله عباده المؤمنين أن يلزموا الجماعة ويلتزموا السمع والطاعة، وبين سبحانه أن النجاة تكون بالتمسك والاعتصام بحبله سبحانه الذي هو الجماعة (١) كما قال سبحانه: وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:١٠٣]. ومتى ما عملت الأمة بأمر الله وأمر رسوله ﷺ عاشت بخير واستطاعت أن تبلغ دينها وتعلي كلمته واستطاعت أن تقود البشرية إلى كل خير في الدنيا والآخرة. والمتأمل للقرون الماضية في تاريخ الأمة الإسلامية يجد هذا الأمر جليًا واضحًا أنه متى ما تمسكت الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها ﷺ واجتمعت على الحق وائتلفت قلوبها قويت هذه الجماعة وسادت وقادت وهذا رحمة من الله بها وما إن تدب الفرقة في صفوف الأمة وتتخلى عن بعض ما أمرت به وتتهاون في تطبيق سنة بينها ﷺ تضعف وتهون وتصبح لقمة سائغة في أيدي الأعداء وما ذاك إلا لأن الجماعة رحمة من الله بالأمة أما الفرقة فهي عذاب وعقوبة من الله ﷿ يعاقب بها الأمة حينما تعصيه ففي الحديث عن رسول الله ﷺ قال: «الجماعة رحمة والفرقة عذاب» (٢) وفي الحديث عن رسول الله ﷺ قال: «سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها» (٣) وفي الحديث عن جابر بن عبدالله ﵄ أنه قال: «لما نزل على رسول الله ﷺ: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا قال: أعوذ بوجهك. أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال أعوذ بوجهك. فلما نزلت: أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ قال: هاتان أهون أو أيسر» (٤) قال علي بن خلف بن بطال ﵀: "أجاب الله دعاء نبيه في عدم استئصال أمته بالعذاب ولم يجبه في أن لا يلبسهم شيعا أي فرقا مختلفين وأن لا يذيق بعضهم بأس بعض أي: بالحرب والقتل بسبب ذلك وإن كان ذلك من عذاب الله لكنه أخف من الاستئصال وفيه للمؤمنين كفارة (٥).
_________
(١) ([١١١]) هذه أحد المعاني الواردة (لحبل الله) انظر «زاد المسير في علم التفسير» لابن الجوزي (١/ ٤٣٣).
(٢) ([١١٢]) رواه عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» (٤/ ٢٧٨) (١٨٤٧٢). من حديث النعمان بن بشير ﵁. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٨/ ١٨٢): رواه عبد الله، وأبو عبد الرحمن راويه عن الشعبي لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وحسنه الألباني في «صحيح الجامع» (٣١٠٩).
(٣) ([١١٣]) رواه مسلم (٢٨٩٠). من حديث سعد بن أبي وقاص ﵁.
(٤) ([١١٤]) رواه البخاري (٧٣١٣). من حديث جابر بن عبد الله ﵄.
(٥) ([١١٥]) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (١٠/ ٣٦٠).
1 / 24