موسوعة الأخلاق - الخراز
الناشر
مكتبة أهل الأثر للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
والعدل، فحملهم على النطق بعودتهم لهم.
ويؤيد هذا قصة ثُماَمَة بن أثال الحنفي، عن أبي هريرة ﵁ قال: بعثَ النبي ﷺ خَيلًا قِبَلَ نجد، فجاءت برجُلٍ من بني حنيفةَ، يقالُ له ثُمَامَةُ بن أُثَالٍ، [سيدُ أهلِ اليمامةِ]، فربطوهُ بسارية من سواري المسجد، فخرجَ إليهِ النبي ﷺ فقال: "ماذا عِندَك يا ثمامة؟ " فقال: عندي خُير يا محمدُ، إِن تقتلني تقتل ذا دَم، وإن تُنعم تُنعِم على شاكر؟ وإن كُنتَ تريدُ المال فَسَل منهُ ما شِئتَ، فتركهُ حتى كان الغدُ، ثم قال له: "ما عندك يا ثمامة؟ " فقال: عندي ما قلت لك، فقال: "أَطلِقُوا ثُمامة".
فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسلَ ثُمّ دخل المسجد، فقال: "أشهدُ أَن لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله" (١).
قلت: ما الذي حمل ثُمامة على الإسلام وقد وقع في الأسر؟ لماذا لم يذهب إلى أهلهِ بعد أن أطلقه الرسول ﷺ من الأسر؟ لماذا لم يقل: إنَّ المسلمين أسروني وقيدوني في المسجد، وأنا سيد قومي، ولي مكانة رفيعة، وشأن عظيم؟! ولكن ثُمامة أبصر الدعوة العملية، فالدعوة إلى الله عملية وقولية، وقد سمع الرسول ﷺ يتكلم في المسجد عن الإسلام، وشاهد تعامل الصحابة وتطبيقهم العملي لهذا الدين وحسن أخلاقهم، وهنا أدرك حقيقة الإسلام، فأسلم سريعا، ورب عملٍ واحد أبلغ من ألف قول.
الثمرة الثالثة:
تقوية إرادة الإنسان، وتمرين النفس على فعل الخير وترك الشر، حتى
_________
(١) أخرجه البخاري (٥/ ٧٥، ٨/ ٨٧ - فتح)، ومسلم (١٧٦٤) في كتاب الجهاد.
1 / 44