جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة
الناشر
المكتبة العلمية بيروت
مكان النشر
لبنان
تصانيف
برعا في الأدب والعلم؛ فلما بلغ الشيخ أقصى عمره، وأشقى١ على الفناء، دعاهما ليبلو٢ عقولهما، ويعرف مبلغ علمهما؛ فلما حضرا: قال لعمرو -وكان الأكبر- أخبرني عن أحب الرجال إليك، وأكرمهم عليك. قال: "السيد الجواد، والقليل الأنداد، والماجد الأجداد، الراسي الأوتاد، الرفيع العماد، العظيم الرماد، الكثير الحساد، الباسل الذواد٣، الصادر الوراد" قال: ما تقول ياربيعة؟ قال: ما أحسن ما وصف! وغيره أحب إلي منه، قال: ومن يكون بعد ذا؟ قال: "السيد الكريم، المانع للحريم، المفضال الحليم، القمقام٤ الزعيم، الذي إن هم فعل، وإن سئل بذل".
قال: أخبرني يا عمرو بأبغض الرجال إليك؟ قال: البرم٥ اللئيم، المستخذي٦ للخصيم، المبطان٧ النهيم، العي البكيم، الذي إن سئل منع، وإن هدد خضع، وإن طلب جشع٨. قال: ما تقول يا ربيعة؟ قال: غيره أبغض إلي منه. قال: ومن هو؟ قال: النئوم الكذوب، الفاحش الغضوب، والرغيب عند الطعام، الجبان عند الصدام.
قال: أخبرني يا عمرو: أي النساء أحب إليك؟ قال: الهركولة٩ اللفاء١٠، الممكورة١١ الجيداء، التي يشفي السقيم كلامها، ويبري الوصب١٢ إلمامها، التي إن أحسنت إليها شكرت، وإن أسأت إليها صبرت، وإن استعتبتها١٣ أعتبت، الفاترة الطرف، الطفلة١٤ الكف، العميمة الردف. قال: ما تقول ياربيعة؟ قال: نعت فأحسن! وغيرها أحب إلي منها. قال: ومن هي؟ قال: "الفتانة العينين،
_________
١ أشفى عليه: أشرف.
٢ ليختبر.
٣ من ذاد عنه: إذا دفع.
٤ السيد "ويضم".
٥ البرم: من لا يدخل مع القوم في الميسر.
٦ الخاضع المستكين، والخصيم: المخاصم.
٧ من همه بطنه، أو الرغيب لا ينتهي من الأكل.
٨ الجشع: أسوأ الحرص.
٩ المرتجة الأرداف.
١٠ الملتفة الجسم.
١١ المطوية الخلق من النساء والمستديرة الساقين، والجيداء: من الجيد بالتحريك، وهو طول الرقبة، أو دقتها مع طول.
١٢ المريض.
١٣ استعتبه: طلب إليه العتبى "الرضا" وأعتبه أعطاه العتبى.
١٤ الناعمة.
1 / 21