أولًا: أن تتعزى وتتسلى بمن مضوا قبل من السلف والأخيار، فهذا رسول الله ﷺ سيد الأنبياء والعلماء الأبرار، اتهم في عرضه، واتهم في فكره ومنهجه، فقيل فيه: أفّاك؛ حاشاه، وقيل: ساحر، وقيل: كذّاب، ومات وهو سيد الأولين والآخرين؛ لأن الله تعالى جعل الأمور بعواقبها، وهي سنة ماضية في كل من تمسك بهذا الدين: أن يُبتلى على قدر تمسكه، كما اشار النبي ﷺ إلى ذلك بقوله: (أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل، ثم الأمثل) (١) [١٣٢])، فإن كنت أمثل صُبَ عليك من البلاء ما لا يعلمه إلا الله، ولْتعلم أن الله سيضعك -بالصبر على هذا البلاء- في مرتبة أحبابه وأوليائه «وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ» [السجدة:٢٤]، أن تصبر وتحتسب عند الله ﷿ مما قيل فيك، فإن الله ﵎ قد تكفل بعباده وبيده أزمّة الأمور، فاصبر والله معك، قال ﷺ: (من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيرًا ولا أوسع من الصبر) (٢) [١٣٣])، والله تعالى يقول: «إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ» [البقرة:١٥٣]، فإذا أراد الله رفعك وكره ذلك الخلق كلهم، فله الأمر من قبل ومن بعد (٣) [١٣٤]) .
ولا تعبأ بحسدهم وبغضهم لك، ولمّا ابتلي الحافظ عبد الغني ﵀ في محنته (٤) [١٣٥])، قال فيه القائل:
إِنْ يَحسِدوكَ فلا تعبأ بقائلهم ... هم الغُثاءُ وأنت السيد البطلُ
(١) ١٣٢]) رواه الإمام الترمذي، والإمام ابن ماجة، والإمام الدارمي ﵏ وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني ﵀ في المشكاة رقم (١٥٦٢) .
(٢) ١٣٣]) متفق عليه من حديث أبي سعيد الخدري ﵁.
(٣) ١٣٤]) من محاضرة وصايا لطلاب العلم، للشيخ محمد.
(٤) ١٣٥]) راجع قصة محنته ﵀ في اعتقاده في أول المجلد الثاني من ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ﵀.
1 / 115