إجلاء الحقيقة في سيرة عائشة الصديقة
الناشر
مؤسسة الدرر السنية-المملكة العربية السعودية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٢هـ - ٢٠١١م
مكان النشر
الظهران
تصانيف
المطلب الخامس
علمها باللُّغة والشِّعر
كانت أُمّ المؤمنين عَائِشَة ﵂ على درجة عالية من الفصاحة والبلاغة، ومعرفة الشعر، فعن موسى بن طلحة قال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَة» (١).
"وفصاحة عَائِشَة ﵂ لا يختلف فيها اثنان، فإنها كانت حافظة للشعر وترويه، وكان رسول الله ﷺ يسر لسماعه منها ويستزيدها منه، ومَلَكة الشعر عندها وراثية، فأبوها كان يحفظ الشعر كذلك ويصحح أوزانه، وأخوها عبد الله ينظمه، وكان لبيد أكثر من تحبه من الشعراء، وروت له نحو ألف بيت، وكانت توصى الناس أن يعلّموا أولادهم الشعر لتعذُب ألسنتهم، وما كان ينزل بها أمر إلا أنشدت فيه شعرًا.
ومن فصاحتها وبلاغتها أنها إذا استثيرت يعلو كلامها ويفخم، كأنما تصدر به عن ثقافتها الأصلية وعلومها الوفيرة، فلما توفي أبوها رثته رثاءٌ يكشف عن آدابها العالية" (٢)، قالت ﵂: «رَحِمَكَ اللهُ يَا أَبَتِ! لَقَدْ قُمْتَ بِالدِّينِ حِينَ وَهَى شُعَبُهُ، وَتَفَاقَمَ صَدْعُهُ، وَرَحُبَتْ جَوَانِبُهُ، وَبَغَضْتَ مَا أَصْغُوا إِلَيْهِ، وَشَمَّرَتَ فِيمَا وَنُوا عَنْهُ، وَاسْتَخْفَفْتَ مِنْ دُنْيَاكَ، مَا اسْتَوْطَنُوا، وَصَغَّرْتَ مِنْهَا مَا عَظَّمُوا، وَلَمْ تَهْضِمْ دِينَكَ،
(١) أخرجه الترمذي في سننه، أبواب المناقب، باب من فضل عَائِشَة ﵂ ٥/ ٧٠٥، رقم (٣٨٨٤)، وأحمد في فضائل الصحابة ٢/ ٨٧٦، رقم (١٦٤٦)، والطبراني في المعجم الكبير ٢٣/ ١٨٢، رقم (٢٩٢)، والحاكم في المستدرك ٤/ ١٢، رقم (٦٧٣٥)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب"، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ٩/ ٢٤٣: "رجاله رجال الصحيح"، وقال عنه الألباني في مشكاة المصابيح ٣/ ١٧٤٦، رقم (٦١٩٥): "صحيح". (٢) موسوعة أم المؤمنين عائشة لعبد المنعم الحفني ص (٢٠،٢١) بتصرف يسير.
1 / 77