الروح وجعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها فكل من مر بها أمسك على انفه منها. فهم يتبلغون منها بأدنى البلاغ ولا
ينتهون إلى الشبع من النتن. ويتعجبون من الممتلئ منها شبعا
والراضي بها نصيبا. إخواني والله لهى في العاقبة والآجلة
لمن ناصح نفسه في النظر. وأخلص له الفكر. أنتن من
الجيفة. وأكره من الميتة. غير أن الذي نشأ في دباغ
الاهاب لا يجد نتنه ولا يؤذيه من رائحته ما يؤذي المار
به والجالس عنده. وقد يكفي العاقل من معرفتها علمه.
فان من مات وخلف سلطانا عظيما سره أنه عاش فيها
سوقة خاملا أو كان فيها معافى سليما سره انه كان فيها
مبتلى ضريرا. فكفى بهذا على عوراتها والرغبة عنها دليلا. والله
لو أن الدنيا كانت من أراد منها شيئا وجده حيث تنال يده
صفحة ٤٤