دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

القاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري ت. 1200 هجري
109

دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطلاحات الفنون

الناشر

دار الكتب العلمية - لبنان / بيروت

رقم الإصدار

الأولى، 1421هـ - 2000م

وقال الفاضل القوشجي في شرح التجريد والجواب أنه إن أراد كون اللوازم واجبة الوجود في أنفسها فالملازمة ممنوعة. فإن معناه أنها واجبة الثبوت للماهية نظرا إلى ذاتها من غير احتياج إلى أمر آخر وهذا ليس بمحال فإن الزوجية واجبة الثبوت للأربعة إنما المحال أن تكون الزوجية واجبة الوجود في نفسها لا أن تكون واجبة الثبوت لغيرها انتهى. والحاصل أنه لا يخلو أن ضمير قوله لذواتها إما عائد إلى الماهيات أو إلى اللوازم فإن كانت عائدة إلى اللوازم فالملازمة ممنوعة لأن الوجوب المنطقي في القضية المعهودة وجوب الوجود لغيره فلا يلزم كون لوازم الماهيات واجبة الوجود في أنفسها بل واجبة الوجود لغيرها وهذا صحيح. وإن كان ضمير قوله لذواتها عائد إلى الماهيات فالملازمة مسلمة لكن بطلان التالي ممنوع لأن معناه أنها واجبة الثبوت للماهيات نظرا إلى ذواتها .

واعلم أن هذا الجواب على تقدير العموم والخصوص بين الوجوب الكلامي والوجوب المنطقي مسلم لأن تحقق العام لا يستلزم تحقق الخاص. وبيانه أن الجهة وجوب الوجود مطلقا وقد تحقق في القضية المعهودة في ضمن وجوب الوجود للغير لا في ضمن وجوب الوجود في نفسه فلا يلزم كون لوازم الماهية واجبة الوجود في أنفسها. وأما على تقدير العينية فهذا الجواب مدفوع لأن المبحوث عنه في فن الكلام هو وجوب الوجود في نفسه فلو كان عين الجهة المنطقية لكانت أيضا وجوب الوجود في نفسه فيلزم كون لوازم الماهيات واجبة الوجود في أنفسها. ولجلال العلماء والفاضل المدقق مرزاجان في بيان حاصل جواب الفاضل القوشجي بيان لا نطول البيان ببيان ذلك البيان.

واعلم أن المبحوث عنه في فن الكلام هو وجوب الوجود وإمكان الوجود وامتناع الوجود فهي جهات ومواد لكن لا مطلقا بل في القضايا المخصوصة أي القضايا التي تكون محمولاتها وجودا محموليا وهو وجود الشيء في نفسه مثل الله موجود والإنسان موجود فيكون كل منها أخص من جهات القضايا وموادها فإن جهة القضية عند المنطقيين ما يبين نسبة المحمول إلى الموضوع سواء كان المحمول وجودا مثل الإنسان موجود بالإمكان. أو مفهوما آخر مثل الإنسان كاتب بالإمكان.

ثم إن المتكلمين ذهبوا إلى أن الوجوب والإمكان أمران اعتباريان أي عدميان انتزاعيان ليسا بموجودين في الخارج وليس شيء هو مطابقه ومصداقه في نفس الأمر. والحكماء قائلون بأنهما وجوديان أي موجودان في الخارج فليس المراد بالوجودي ها هنا ما ليس حرف السلب جزءا من مفهومه سواء كان موجودا في الخارج أو لا. ولا اختلاف في الامتناع فإنه لم يذهب أحد إلى أنه وجودي كيف فإنه لو كان موجودا في الأعيان لكان موصوفه أعني الممتنع كشريك الباري أولى بالوجود كما لا يخفى. وكل

صفحة ١١٥