syptomologie
وعلم للعلامات
séméiologie .»
17
ويمكن صياغة سؤال دولوز كالآتي: كيف تعمل السلطة؟ وكيف تنتظم الحقيقة والسلطة معا ضمن تشكيلة خطابية واحدة؟ ينطلق دولوز، تمهيدا لمناقشة هذه الإشكالية، من انتقاد احتكار الفكر السياسي لمفهوم السلطة؛ فمفهوم السلطة يتجاوز السياسي، ليشمل العديد من المظاهر الأخرى «كل قوة هي امتلاك وسيطرة واستغلال لكم من الواقع، حتى الإدراك في كل مظاهره المتنوعة هو تعبير عن القوى التي تمتلك الطبيعة.»
18
ذلك أنه لا ينبغي في نظره، أن نبحث عن السلطة عند نقطة مركزية تكون هي الأصل، عند بؤرة وحيدة للسيادة تكون مصدر إشعاع لباقي الأشكال الثانوية التي تتولد عنها، وإنما ينبغي رصدها عند القاعدة المتحركة لعلائق القوى التي تولد، دونما انقطاع، حالات للسلطة «إن تاريخ شيء ما بشكل عام هو تتابع القوى التي تحتكره، والتواجد المشترك للقوى التي تكافح لحيازته.»
19
ومن نفس هذا المنطلق، يرى فوكو أن هناك مفهوما ميتافيزيقيا لاهوتيا عن السلطة ينبغي تقويضه للوقوف عند تلك العلائق. فليست السلطة تنزل من أعلى أو تنبع من فوق، إنها تأتي من كل صوب، وهي منتشرة في كل مكان، حاضرة في جميع الأفعال وأنماط السلوك، وهي لا تفتأ تنتج نفسها في كل لحظة وحين. ولكن ليس ذلك لأنها تتمتع بقدرة جبارة على احتضان كل شيء، وضمه تحت وحدتها التي لا تقهر، وإنما لأنها تتولد، كل لحظة، عند كل نقطة، أو بالأحرى، في علاقة كل نقطة بالأخرى.
لذا فإن السؤال «ما السلطة؟ أو ما مصدرها وأصلها؟» في غير محله، والأجدى أن نتساءل عن الكيفية التي تتحقق بها أو كيف تمارس نفسها وتظهر إلى الفعل؛ يقول دولوز: «إن السلطة تتغلغل في كل جانب حيثما توجد فرديات مهما كانت بسيطة ومتناهية في الصغر ... تارة تقمع، وأخرى تموه أو تخدع وتوهم، تارة تتقمص زي الشرطة، وتارة ثانية تتخذ شكل الدعاية.»
صفحة غير معروفة