الْفَم: رضاب إِلَّا مَا دَامَ فِي الْفَم، وَلَا للْمَرْأَة: عانس وَلَا عاتق إِلَّا مَا دَامَت فِي بَيت أَبَوَيْهَا، وَلذَلِك لَا يُقَال للأنبوبة: قلم إِلَّا إِذا بريت.
وأنشدني أحد شُيُوخنَا ﵀ لأبي الْفَتْح كشاجم:
(لَا أحب الدواة تحشى يراعًا ... تِلْكَ عِنْدِي من الدويّ مَعِيبَة)
(قلم وَاحِد وجودة خطّ ... فَإِذا شِئْت فاستزد أنبوبه)
(هَذِه قعدة الشجاع عَلَيْهَا ... سيره دائبا وَتلك جنيبه)
[١٤] وَيَقُولُونَ لمن يحمل الدواة: دواتي بِإِثْبَات التَّاء، وَهُوَ من اللّحن الْقَبِيح وَالْخَطَأ الصَّرِيح، وَوجه القَوْل أَن يُقَال فِيهِ: دوويّ، لِأَن تَاء التَّأْنِيث تحذف فِي النّسَب، كَمَا يُقَال فِي النّسَب إِلَى فَاطِمَة: فاطميّ
وَإِلَى مَكَّة: مكي وَإِنَّمَا حدفت لمشابهتها يَاء النسبه من عدَّة وُجُوه:
أَحدهَا: أَن كلتيهما تقع طارفة فَتَصِير هِيَ حرف الْإِعْرَاب، وَيجْعَل مَا دخلت عَلَيْهِ حَشْوًا فِي الْكَلِمَة.
الثَّانِي: أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا قد جعل ثُبُوتهَا عَلامَة للْوَاحِد، وحذفها عَلامَة للْجمع، فَقَالُوا فِي تَاء التَّأْنِيث: ثَمَرَة وثمر، كَمَا قَالُوا فِي يَاء النّسَب: زنجية وزنج.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا إِذا التحقت بِالْجمعِ الَّذِي لَا ينْصَرف أصارته منصرفًا، نَحْو صيارف وصيارفة وَمَدَائِن ومدائني، فَلَمَّا أشبهتا من هَذِه الْأَوْجه الثَّلَاثَة،
لم يجز أَن يجمع بَينهمَا كَمَا لَا يجمع بَين حرفي معنى فِي كلمة وَاحِدَة. وَلما حذفت التَّاء بَقِي الِاسْم على دوا الموازن للثلاثي الْمَقْصُور فَقيل: دوويّ، كَمَا قَالُوا فِي النّسَب إِلَى فَتى: فتويّ، وَلَا فرق فِي هَذَا الموطن بَين الْألف الَّتِي أَصْلهَا الْوَاو كألف حمى الْمُشْتَقّ من حميت، وحكمهما فِيهِ بِخِلَاف حكمهمَا فِي التَّثْنِيَة الَّتِي ترد فِيهَا الْألف إِلَى أَصْلهَا، كَقَوْلِك فِي تَثْنِيَة قفا: قفوان، وَفِي تَثْنِيَة حمى: حميان. وَالْفرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ أَن عَلامَة التَّثْنِيَة خَفِيفَة وَمَا قبلهَا يكون أبدا مَفْتُوحًا وَلَا يجْتَمع فِي الْكَلِمَة الْمُثَنَّاة مَا يثقل، وعلامة النّسَب يَاء مُشَدّدَة تقوم مقَام ياءين وَمَا قبلهَا لَا يكون إِلَّا مكسورًا، فَلَو قلبت الْألف فِي النّسَب يَاء لتوالى فِي الْكَلِمَة من الْكسر والياءات مَا يستثقل التَّلَفُّظ بهَا لأَجله. [١٥] وَيَقُولُونَ: بعثت إِلَيْهِ بِغُلَام، وَأرْسلت إِلَيْهِ هَدِيَّة، فيخطئون فيهمَا، لِأَن الْعَرَب تَقول فِيمَا يتَصَرَّف بِنَفسِهِ: بعثته وأرسلته، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ثمَّ أرسلنَا رسلنَا﴾ وَيَقُولُونَ فِيمَا يحمل: بعثت بِهِ وَأرْسلت بِهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ إِخْبَارًا عَن بلقيس: ﴿وَأَنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية﴾ وَقد عيب على أبي الطّيب قَوْله: (فآجرك الْإِلَه على عليل ... بعثت إِلَى الْمَسِيح بِهِ طَبِيبا) وَمن تَأَول لَهُ فِيهِ قَالَ: أَرَادَ بِهِ أَن العليل لاستحواذ الْعلَّة على جِسْمه وحسه قد
لم يجز أَن يجمع بَينهمَا كَمَا لَا يجمع بَين حرفي معنى فِي كلمة وَاحِدَة. وَلما حذفت التَّاء بَقِي الِاسْم على دوا الموازن للثلاثي الْمَقْصُور فَقيل: دوويّ، كَمَا قَالُوا فِي النّسَب إِلَى فَتى: فتويّ، وَلَا فرق فِي هَذَا الموطن بَين الْألف الَّتِي أَصْلهَا الْوَاو كألف حمى الْمُشْتَقّ من حميت، وحكمهما فِيهِ بِخِلَاف حكمهمَا فِي التَّثْنِيَة الَّتِي ترد فِيهَا الْألف إِلَى أَصْلهَا، كَقَوْلِك فِي تَثْنِيَة قفا: قفوان، وَفِي تَثْنِيَة حمى: حميان. وَالْفرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ أَن عَلامَة التَّثْنِيَة خَفِيفَة وَمَا قبلهَا يكون أبدا مَفْتُوحًا وَلَا يجْتَمع فِي الْكَلِمَة الْمُثَنَّاة مَا يثقل، وعلامة النّسَب يَاء مُشَدّدَة تقوم مقَام ياءين وَمَا قبلهَا لَا يكون إِلَّا مكسورًا، فَلَو قلبت الْألف فِي النّسَب يَاء لتوالى فِي الْكَلِمَة من الْكسر والياءات مَا يستثقل التَّلَفُّظ بهَا لأَجله. [١٥] وَيَقُولُونَ: بعثت إِلَيْهِ بِغُلَام، وَأرْسلت إِلَيْهِ هَدِيَّة، فيخطئون فيهمَا، لِأَن الْعَرَب تَقول فِيمَا يتَصَرَّف بِنَفسِهِ: بعثته وأرسلته، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ثمَّ أرسلنَا رسلنَا﴾ وَيَقُولُونَ فِيمَا يحمل: بعثت بِهِ وَأرْسلت بِهِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ إِخْبَارًا عَن بلقيس: ﴿وَأَنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية﴾ وَقد عيب على أبي الطّيب قَوْله: (فآجرك الْإِلَه على عليل ... بعثت إِلَى الْمَسِيح بِهِ طَبِيبا) وَمن تَأَول لَهُ فِيهِ قَالَ: أَرَادَ بِهِ أَن العليل لاستحواذ الْعلَّة على جِسْمه وحسه قد
1 / 28