الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي ت. 843 هجري
54

الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

الناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز

مكان النشر

الرياض

وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: دَعَاني عمر بن الْخطاب ﵁ ذَات لَيْلَة، وَقَالَ: قد نزل بِبَاب الْمَدِينَة قافلة، وأخاف عَلَيْهِم إِذا نَامُوا أَن يسرق شَيْء من مَتَاعهمْ، فمضيت مَعَه، فَلَمَّا وصلنا، قَالَ: نم أَنْت، ثمَّ جعل يحرس الْقَافِلَة طول ليله. حِكَايَة: قَالَ زيد بن أسلم ﵁: " رَأَيْت لَيْلَة عمر بن الْخطاب ﵁ وَهُوَ يطوف مَعَ العسس، فتبعته فَقلت: أتأذن لي أَن أصحبك؟ قَالَ: نعم. فَلَمَّا خرجنَا من الْمَدِينَة رَأينَا نَارا من بعيد، فَقُلْنَا: رُبمَا يكون قد نزل هُنَاكَ من مُسَافر، فقصدنا النَّار، فَرَأَيْنَا امْرَأَة أرملة، وَمَعَهَا ثَلَاثَة أَطْفَال، وهم يَبْكُونَ، وَقد وضعت لَهُم قدرا على النَّار، وَهِي تشاغلهم، وَهِي تَقول: اللَّهُمَّ أنصفني من عمر، وَخذ لي بِالْحَقِّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ شبعان، وأطفالي جِيَاع، فَلَمَّا سمع عمر ﵁ ذَلِك تقدم، وَسلم عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: أتأذنيني أَن أدنو إِلَيْك؟ قَالَت: إِن كَانَ بِخَير فبسم الله، فَتقدم عمر ﵁ إِلَيْهَا وسألها عَن حَالهَا، وَحَال أطفالها، فَقَالَت نعم، وصلت - وَهَؤُلَاء أطفالي معي - من مَكَان بعيد، وَأَنا جائعة، والأطفال جِيَاع،

1 / 157