الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي ت. 843 هجري
113

الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

الناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز

مكان النشر

الرياض

وَيَنْبَغِي للْملك أَلا يمْنَع الْوَزير من ثَلَاثَة أَشْيَاء: وَهُوَ أَنه: مَتى أحب أَن يرَاهُ لَا يمنعهُ من رُؤْيَته، وَألا يسمع فِي حَقه كَلَام مُفسد، وَلَا يكتم عَنهُ شَيْئا من سره، لِأَن الْوَزير الصَّالح حَافظ سر السُّلْطَان، ومدبر أَمر الدخل، وَعمارَة الْولَايَة والخزائن، وزينة المملكة، وَله الْكَلَام على الْعمَّال، واستماع الْأَجْوِبَة، وَبِه يكون سرُور الْملك، وقمع أعدائه، وَهُوَ أَحَق النَّاس بالاستمالة، وتعظيم الْأَمر، وتفخيم الْقدر. وَقَالَ لُقْمَان ﵇ لوَلَده: " أكْرم وزيرك، لِأَنَّهُ إِذا رآك على أَمر لَا يجوز لمملكتك لَا يوافقك عَلَيْهِ ". وَيَنْبَغِي للوزير أَن يكون مائلا فِي الْأُمُور إِلَى الْخَيْر، متوقيا من الشَّرّ، وَإِذا كَانَ السُّلْطَان حسن الِاعْتِقَاد، مشفقا على الْعباد، كَانَ لَهُ عونا على ذَلِك، وآمرا لَهُ بالازدياد، وَإِذا كَانَ السُّلْطَان ذَا حيف، كَانَ غير ذِي سياسة، كَانَ على الْوَزير أَن يرشده قَلِيلا بألطف وَجه، ويهديه إِلَى الطَّرِيقَة المحمودة، وَيَنْبَغِي للْملك أَن يعلم أَن أول إِنْسَان يحْتَاج الْملك أَو السُّلْطَان إِلَيْهِ الْوَزير الصَّالح. وَسُئِلَ بهْرَام كور: إِلَى كم من الْأَشْيَاء يحْتَاج السُّلْطَان إِلَيْهِ حَتَّى يتم سلطنته، وتدوم بالسرور دولته؟ فَقَالَ: إِلَى سِتَّة من الْأَصْحَاب: الْوَزير الصَّالح ليظْهر إِلَيْهِ سره، وَيُدبر مَعَه رَأْيه، ويسوس أمره، وَالْفرس الْجواد لينجيه يَوْم الْحَاجة إِلَى النجَاة، وَالسيف الْقَاطِع، وَالسِّلَاح الْحصين، وَالْمَال الْكثير الَّذِي يخف حمله، كالجوهر واللؤلؤ والياقوت، وَالزَّوْجَة الْحَسْنَاء الصَّالِحَة لتَكون مؤنسة لِقَلْبِهِ مزيلة لكربه، والطباخ الْخَبِير الَّذِي إِذا أمسك طبعه دبر شَيْئا يلطف طبعه.

1 / 216