الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

محمود بن إسماعيل بن إبراهيم الجذبتي ت. 843 هجري
112

الدرة الغراء في نصيحة السلاطين والقضاة والأمراء

الناشر

مكتبة نزار مصطفى الباز

مكان النشر

الرياض

وَقَالَ العتابي: " من عرض نَفسه للدنية، عرض نَفسه للمنية، وَأَن مِمَّا يعين على الْعدْل ارْتِفَاع من يُؤثر التقى، واطراح من يقبل الرشا، واستكفاء من يعدل فِي الْقَضِيَّة، واستخلاف من يشفق على الرّعية. وَقَالَ أنو شرْوَان: " مَا عدل من جَار وزيره، وَلَا صلح من فسد مشيره. وَقَالَ أردشير: حقيق على كل ملك أَن يتفقد وزيره، ونديمه، وكاتبه، وحاجبه، فَإِن وزيره قوام ملكه، ونديمه بَيَان عقله، وكاتبه دَلِيل مَعْرفَته، وحاجبه برهَان سياسته. قيل: من تعزز بِاللَّه لم يذله السُّلْطَان، وَمن توكل عَلَيْهِ لم يضرّهُ إِنْسَان، من اسْتغنى بِاللَّه عَن النَّاس أَمن عوارض الإفلاس، وَمن صَحَّ دينه صَحَّ يقينه. قَالَ أنو شرْوَان: شَرّ الْوَزير من جرأ السُّلْطَان على الْحَرْب، وجرأه على الْقِتَال فِي مَوضِع يُمكن أَن يصلح بِغَيْر حَرْب، وَلَا خشونة، لِأَن فِي الْحَرْب تفنى ذخائر الْأَمْوَال، وتفنى كرائم النُّفُوس. وَقَالَ أَيْضا: " كل ملك كَانَ وزيره جَاهِلا، فَمثله كَمثل الْغَيْم الَّذِي يَبْدُو وَيظْهر وَلَا يمطر. وعَلى السُّلْطَان أَن يُعَامل الْوَزير بِثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحدهَا: إِذا ظَهرت مِنْهُ زلَّة، أَو وجدت مِنْهُ هفوة، لَا يعالجها بالعقوبة. وَالثَّانِي: إِذا اسْتغنى فِي خدمَة الْملك لَا يطْمع فِي مَاله وثروته. وَالثَّالِث: إِذا سَأَلَهُ حَاجَة لَا يتَوَقَّف فِي قَضَاء حَاجته.

1 / 215