وإذا كان هذا في حق إمام قد ثبتت عدالته وصحت ديانته وأمانته هفا هفوة ثم تاب عنها، فما ظنك بمن لم يثبت ذلك في حقه، وكان منذ شب إلى أن شاخ على التهور والتخليط، والتجري والتخبيط ?إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد? [ق:37]، ?ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط? [المائدة:8]، ?ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين? [النساء: 135].
الفصل الرابع
لا خفاء في أن الإمامة شرعت لتحصيل مصالح دينية ويبنى عليها كثير من الأحكام الشرعية، فلذلك وجب على الأمة نصب الإمام، وتحتم عليهم القيام بهذه الفريضة والاهتمام، فإذا خلي الزمان عن الدعاة وجب على المسلمين العناية في إمام يقوم بما أمره إلى الولاة، وهذا شيء لا نزاع فيه ولا خلاف، أدلته ظاهرة غير خواف، وإذا دعا داع لا يصلح للإمامة، ولا يليق به تحمل التكاليف العامة، كان توليه للتصرفات، وقبضه للحقوق الواجبات، وإقدامه على إتلاف الأرواح والأموال، من أعظم المفاسد والضلال، وكان كل إصدار منه وإيراد، من البغي في الأرض والفساد، فحينئذ يجب على المسلمين المتقين، العناية في دفع هذه المفسدة العظيمة في الدين، والسعي في قائم حق يدعو إلى الطاعة جميع الخلق من أجل أن الذي شرعت له الإمامة من المصالح العامة لما يحصل الغرض منه ولا يسقط الواجب فيه، فإن قيام غير الصالح لا يحصل به تحصيل المصالح، ومن أجل دفع هذه المفسدة المذكورة والقضية المنكورة ودفع المفاسد أهم من تحصيل المصالح والفوائد، فمع عدم الداعي يجب نصب الإمام من وجه واحد، وهو تحصيل ما شرعت الإمامة لتحصيله، ومع تقدم داع غير صالح يجب نصب الإمام الصالح من وجهين:
صفحة ٣٩٧