الفائدة الثالثة: قيل ض(القاضي عبد الله الدواري): كون
الإمام أفضل بالنظر إلى جميع أهل البيت، فذلك مما لا سبيل إلى العلم به لانتشارهم في أقطار الأرض.
قال بعض المتكلمين: إنما يعتبر الأفضل منهم في القطر الذي فيه المكلف، قيل: في البريد، وقيل: في مسافة ثلاثة أيام، وقيل: في مبلغ علم المكلف، وليس عليه البحث عن الأفضل مع وجود الفاضل.
ومنها أن لا تسبق دعوته دعوة مجاب، وليس هذا من الشروط التي هي من صفات الإمام ونعوته الراجعة إليه، وإنما هو في الحقيقة يرجع إلى المنع، فلا ينبغي أن تعد من صفات الإمام التي يتوقف عليها صحة القيام، وإن كان من أصحابنا من يعده شرطا، وينظمه في سلك تعداد الشروط لفظا وخطا، وأبلغ من بسطه غاية البسط في استيفاء ذكر هذا الشرط وأوضح فيه المعنى والقصد المهدي عليه السلام فإنه قال: من شروط الإمام أن يدعو في حال لم يكن قد تقدمه داع مجاب أجابه بعض الأمة، فأما حيث قد تقدمه داع مجاب، ودعا بعد ذلك فهو باغ، إذا كان الأول كامل الشروط.
وقد أجيب: لا، إذا لم يكن كاملا أو كان كاملا ولم يجبه من الأمة من ينتفع بإجابته، بل لم يجبه أحد أو أجابه من لا نفع في إجابته لقلته أو خموله، فلا حكم حينئذ بتقدم دعوته.
قال: ومن عرف أنه إذا دعا أجابه من الناس من ينفع الله بإجابته في إمضاء الأحكام الشرعية على الوجه المشروع وجبت عليه الدعوة حينئذ، وصارت دعوة الأول كأنها لم تكن إذا بطل نفعها في المقصود كما يبطل الوقف والتحبيس ببطلان نفع العين في المقصود، قال رحمه الله تعالى: لكن لا يجوز له الدعاء إلا بعد اليأس من إجابة الأول ونهوضه لا مع كون الإجابة مرجوة.
وذكر أنه أخذ هذه المسألة من نصهم على جواز تنحي الإمام مع كون غيره أنهض، ولا وجه له إلا كون الغرض بالأنهض يكون أكمل، ولا شك أن المجاب يكون أنهض ممن لم يجب، ثم أورد على نفسه سؤالا، وهو أنهم نصوا على جواز التنحي حينئذ لا وجوبه، فمن أين لك وجوبه؟
صفحة ١٣٠