446

الدر المنثور في طبقات ربات الخدور

الناشر

المطبعة الكبرى الأميرية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣١٢ هـ

مكان النشر

مصر

كقول مضى منه ولكن لرده ... إلى غير مي أولا لأصبح ساليا
كلابة مولاة ثقيف
كانت عند عبد الله بن القاسم الأموي العبلي، وكان يبلغها تشبيب العرجي بالنساء وذكره لهن في شعره وكانت كلابة تكثر أن تقول لشد ما اجترأ العرجي على نساء قريش حين يذكرهن في شعره ولعمري ما لقي أحدًا فيه خير ولئن لقيته لأسودن وجهه، فبلغه ذلك عنها.
وكان العلبى نازلًا على ماء لبنى نصر بن معاوية يقال له الضنق على ثلاثة أميال من مكة والعرج أعلاها قليلًا مما يلي الطائف فبلغ العرجي أنه خرج إلى مكة فأتى قصره فأطاف به فخرجت إليه كلابة وكان خلفها في قصره فصاحت به إليك ويلك وجعلت ترميه بالحجارة وتمنعه أن يدنو من القصر فاستسقاها فأبت أن تسقيه.
وقالت: لا يوجد والله أثرك عندي أبدًا فيلصق بي منك شر فانصرف. وقال: ستعلمين. وقال هذه الأبيات ليتهمها الناس ويوقع بها أمام سيدها:
حور بهثن رسولًا في ملاطفة ... ثقفا إذا عقل النساءة الوهم
إلى أن أتينا هدأ إذا علقت ... أمرًا سنا وافتضحنا إن همو علموا
فجئت أمشي على هول أجشمه ... تجشم المرء هولًا في الهوى كرم
إذا تخوفت من شيء أقول له ... قد جف فامض بشيء قدر القلم
أمشي كما حركت ريح يمانية ... غصنًا من البان رطبًا طلة الديم
في حلة من طاز أكسوس مثرية ... تعفو بهدابها ما أثرت قدم
خلت سبيلي كما خلت ذا عذر ... إذا رأته عتاق الخيل ينتجم
وهن في مجلس خال وليس له ... عين عليهن أخشاها ولا ندم
حتى جلست إزاء الباب مكتتما ... وطالب الحاج تحت الليل مكتتم
أبدين لي أعينًا نجلا كما نظرت ... أدم هجان أتاها مصعب قطم
قالت كلابة من هذا فقلت لها ... أنا الذي أنت من أعدائه زعموا
أنا امرؤ جد بي حب فأحرمني ... حتى بليت وحتى شفني السقم
لا تكليني إلى قوم لو انهموا ... من بغضنا أطعموا لحمي إذا طعموا
وأنعمي نعمة تجزى بأحسنها ... فطالما نالني من أهلك النعم
ستر المحبين في الدنيا لعلهمو ... أن يحدثوا توبة فيها إذا أثموا
هذي يميني رهن بالوفاء لكم ... فأرضي بها ولأنف الكاشح الرغم
قالت رضيت ولكن جئت في قمر ... هلا تلبثت حتى تدخل الظلم
فبت أسق بأكواب أعل بها ... من بارد طاب منا الطعم والنسم
حتى بدا ساطع للفجر نحسبه ... سنا حريق بليل حين يضطرم
كغرة الفرس المنسوب قد حسرت ... عنه الجلال تلالًا وهو يلتجم
ودعتهن ولا شيء يراجعني ... إلا البيان وإلا الأعين السجم
إذا أردن كلامي عنده اعترضت ... من دونه عبرات فانثنى الكلم
تكاد إذر من نهضًا للقيام معي ... أعجازهن من الإنصاف تنقصم

1 / 461