الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود
الناشر
دار المنهاج
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٦ هـ
مكان النشر
جدة
ومن ثمّ قال النيسابوري: لا يكفي صليت على محمد؛ لأن مرتبة العبد تقصر عن ذلك، بل يسأل ربه أن يصلّي عليه، وحينئذ فالمصلّي حقيقة هو الله تعالى، وتسمية العبد مصليا عليه مجاز عن سؤاله الصلاة من الله تعالى عليه.
ويؤيده قول أبي اليمن ابن عساكر: (حسن قول من قال: لمّا أمرنا الله تعالى بالصلاة على رسوله ﷺ.. لم نبلغ معرفة فضيلتها، ولم ندرك حقيقة مراد الله ﷿ فيه، فأحلنا ذلك إلى الله ﷾، فقلنا: اللهم؛ صل أنت على رسولك؛ لأنك أعلم بما يليق به، وبما أردته له ﷺ .
[عدم جواز إبدال لفظ (محمد) ب (أحمد)، وبالضمير في التشهد]
ويجوز إبدال لفظ (محمد) ب (النبي) و(رسول الله)، لا ب (أحمد)، ولا بالضمير، وإن سبق ما يعود عليه؛ لأن العلم يشبه المتعبد به؛ فلم يجزىء نظيره، وأجزأ عنه الوصف؛ لأنه أعلى منه، وظاهر أنه لا يجزيء (الرسول) بدل (النبي) لقول الشافعي ﵁، كما نقله البيهقي والعبّادي: (يكره أن يقال: «قال الرسول»، ولكن «قال رسول الله ﷺ» تعظيما له) «١» أي: لأن لفظ الرسول يشمل غير النبي، فلا تعظيم فيه، ولا ينافيه قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لأنه ﷾ يخاطب عبده بما شاء، على أن فيه غاية التعظيم؛ إذ معناه: يا أيها الرسول عنّي، بخلافه من غيره؛ فإنه ليس نصّا في ذلك، وإن قال عقبه: ﷺ.
ولا تجزىء الصلاة إلا بعد فراغ جميع التشهد، لأنها ركن مستقل، فوجب الترتيب بينهما، ووقع لبعضهم هنا وهم، فاحذره.
وإنما اكتفي في الوجوب ب (اللهم؛ صلّ على محمد) مثلا، مع مخالفته للكيفيات الواردة في تعليم الصلاة؛ لأن الوجوب ثبت بنص القرآن بقوله
_________
(١) مناقب الشافعي (١/ ٢٢٤) .
1 / 109