الدر الفريد وبيت القصيد
محقق
الدكتور كامل سلمان الجبوري
الناشر
دار الكتب العلمية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمُسْتَوحشٍ لَمْ يُمْسِ فِي دَارِ غُرْبَةٍ ... وَلَكِنَّهُ مِمَّنْ يُحِبُّ غَرِيْبُ
قَالَ أَبُو حَمْدُوْنَ: كَانَ الفَتْحُ بنُ خَاقَانَ يَأْنسُ بِي وَيُطْلُعنِي عَلَى الخَاصِّ مِنْ سِرِّهِ فَقَالَ لِي مَرَّةً شَعَرْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إِنِّي انْصرَفْتُ البَارِحَةُ مِنْ مَجْلِسِ أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فَلَمَّا دَخَلْتُ مَنْزِلي اسْتَقْبَلتنِي فُلَانَةُ يَعْنِي جَارِيَةً لَهُ فَلَمْ أَتَمَالَكَ أنْ قَبَّلْتُهَا فَوَجَدْتَ فِيْمَا بيت شَفَتَيْهَا هَوَاءٌ لَوْ رَقَدَ المَخْمُوْرُ فِيْهِ لَصَحَا. فَكَانَ هَذَا مِمَّا يُسْتَحْسَنُ وَيُسْتَظْرَفُ مِنْ كَلَامِ الفَتْحِ فَسَمِعَ أَبُو الفَرَجِ الوَأوَاء الدِّمَشْقِيُ ذَلِكَ فَنَظمَهُ فَقَالَ (١):
سَقَى اللَّهُ لَيْلًا طَابَ إِذْ زَارَ طَيْفُهُ ... فَأَفَيْتُهُ حَتَّى الصَّبَاحِ عِنَاقَا
بِطِيْبِ نَسِيْمٍ مِنْهُ يَسْتَجْلِبُ الكَرَى ... وَلَوْ رَقَدَ المَخمُوْرُ فِيْهِ أَفَاقَا
* * *
سُئِلَ سُقْرَاطُ عَنِ العَشُقِ فَقَالَ حَرَكَةُ قَلْبٍ فَارِغٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ حَرَكَةُ نَفْسٍ فَارِغَةٍ.
وَلَمَّا نَظَم هَذَا الكَلَامُ زَادَ فِيْهِ شَيْئًا وَهُوَ ذِكْرُ القَتْلِ.
وَقَالَ عُمَرُ بن الخَطَّابِ ﵁ لَمَّا حَضِرَتْهُ الوَفَاةُ: لَا تُعمْقُوا قَبْرِي فَإِنْ خَيْرَ الأَرْضِ أَدِيْمُهَا الأعَلَى.
فَنَظَم هَذَا المَعْنَى عَبْدُ الرَّحِيْمِ الحَارِثِيّ فَقَالَ:
وَخُطَّا عَلَى عَلْيَاءَ قَبْرِي فَإِنَّنِي ... أُحِبُّ مِنَ الأَخْلَاقِ مَا كَانَ عَالِيَا
وَسَمِعَ بِعْضُ الكُتَّابِ قَوْلُ نَصِيْبٍ (٢):
وَلَوْ سَكَتُوا أَثْنَتْ عَلَيْكَ الحَقَائِبُ.
فَكَتَبَ فِي فَصْلٍ وَلَوْ أَمْسَكَ لِسَانِي عَنْ شُكْركَ لَنَطَقَ بِهِ أَثَرَكَ عَلَيَّ وَلَوْ جَحَدْتُّكَ
(١) ديوانه ص ١٦٤، يتيمة الدهر ١/ ٣٣٥، المحمدون ص ٥٤، خاص الخاص ص ٥١.
(٢) ديوانه ص ٥٩.
1 / 343