253

الدر الفريد وبيت القصيد

محقق

الدكتور كامل سلمان الجبوري

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

وَمُوَازَاةُ المُقَابَلَة:
قَالَ عَلِيُّ بن الحُسَيْنِ القُرَشِيُّ: سَأَلْتُ قُدَامَةَ الكَاتِبَ عَنِ المُقَابِلَةِ فَقَالَ: هُوَ أَنْ يَضَعَ الشَّاعِرُ مَعَانِي يَعْتَمِدُ المُوَافَقَةَ بَيْنَ بَعْضِهَا وَبَعْضٍ وَالمُخَالَفَةَ، فَيَأتِي فِي المُوَافِقِ بما يُوافقُ، وَفِي المُخَالِفِ بِمَا يُخَالِفُ عَلَى الصِّحَّةِ، وَيَشْرِطَ شُرُوْطًا، وَيُعَدِّدُ أَحْوَالًا فِي أحَدِ المَعْنَيَيْنِ. فَيَجِبُ أَنْ يَأتِيَ فِيْمَا يُوَافِقُهُ بِمِثْلِ مَا شَرَطَهُ، وَفِيْمَا يُخَالِفُهُ بِأَضْدَّادِ ذَلِكَ. فَقُلْتُ: أنْشِدْنِي مَا قِيْلَ فِيْهِ. فَقَالَ: لَا أعْرِفُ أحْسَنَ مِنْ قَوْلُ الشَّاعِرِ (١): [من الطويل]
أَيَا عَجَبًا كِيْفَ اتَّفَقْنَا فَنَاصِحٌ ... وَفِيٌّ وَمَطْوِيٌّ عَلَى الغِلِّ غَادِرِ
فَجَعَلَ بِإِزَاءِ نَاصِحٍ مَطْوِيًّا عَلَى الغِلِّ، وَبِإزَاءِ وَفِيٍّ غَادِرًا.
وَقَوْلِ الطِّرِمَّاحِ بنِ حَكِيْمٍ الطَّائِيِّ (٢): [من الوافر]
أسَرْنَاهُمْ وَأنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ ... وَأسْقَيْنَا دِمَاءَهُمُ التُّرَابَا
فَمَا صَبَرُوا لِبَأْسٍ عِنْدَ حَرْبٍ ... وَلَا أدَّوا لِحُسْنِ يِدٍ ثوَابَا
فَجَعَلَ بِإِزَاءِ أَنْ سَقُوا دِمَاءهُمُ التُّرَابَ أنَّهُمْ لَمْ يَصْبِرُوا لِبَأْسٍ عِنْدَ حَرْبٍ، وَبِإِزَاءِ أَنْ أسَرُوْهُم وَأنْعَمُوا عَلَيْهِم أنَّهُمْ لَمْ يَثِيْبُوا لِحُسْنِ يَدٍ جَزَاءً، فَهَذِهِ المُقَابَلَةُ. وَأَمَّا تَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ، فَهُوَ غَيْرُ هَذَا. قَالَ عَلِيُّ بن هَارُوْنَ بن يَحْيَى، وَكَانَ هَارُوْنُ أَبِي يَزْعَمُ أَنَّ أحْسَنَ مَا قِيْلَ فِي المُقَابَلَةِ قَوْلُ عَمْرِو بنِ كُلْثُومٍ (٣): [من الوافر]
وَرِثْنَا المَجْدَ عَنْ آبَاءِ صِدْقٍ ... وَنُوْرِثُهُ إِذَا مُتْنَا بَنِيْنَا (٤)

= فَقِيْلَ هَذَا مِنَ الكَذِبِ وَالمُحَالِ.
(١) للمتلمس في الشعر والشعراء ص ١٠٥.
(٢) للطرماح بن حكيم في ذيل ديوانه ص ٥٦٤.
(٣) ديوانه ص ٨٦.
(٤) وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ النَّابِغَةِ (١):

(١) ديوانه ص ١٧٤.

1 / 255