185

دروس للشيخ عبد الله الجلالي

تصانيف

دخول الناس في هذا الدين بسبب القدوة
وهناك دليل آخر على ذلك، وهو أن أولئك النصارى بدءوا الآن يبحثون عن عقيدة، لكن هل ترى أن المسلمين سوف يستغلون هذه الفرصة، ففي كل يوم يعلن فلان أنه اعتنق الإسلام وفلان وفلان وفلان؟ وأنا متأكد من أننا لو دعونا إلى الإسلام دعوة صحيحة لدخل الناس كلهم في دين الله أفواجًا، بل متأكد من أننا لو أعطينا صورة حسنة عن الإسلام لدخل الناس في دين الله أفواجًا، لكن تصور رجلًا كافرًا يرى أبناء المسلمين هناك في حانات الخمور في بلاده ومواقع الدعارة، وهو يعلم أن الإسلام يحرم الخمر والزنا، ثم يرى هذا التناقض وهذه الازدواجية في حياة المسلمين! إنه سيرفض هذا الدين.
فمعنى ذلك أن أبناء المسلمين الذين يعيشون عيشة منحرفة في بلاد الكفر هم أكبر عقبة في طريق الإسلام.
ولذلك أقول: القدوة هي أفضل طريق للإسلام، ولو لم يذهب إلى تلك البلاد دعاة.
فأكبر تجمع إسلامي في جنوب شرق آسيا يقدر في أيامنا الحاضرة بأكثر من مائتي مليون مسلم في تايلند والفلبين وأندونيسيا وماليزيا وسنغافورة إلى غير ذلك، لم يذهب جيش إسلامي للجهاد هناك في تلك البلاد، ولا ذهب داعية في صدر الإسلام أبدًا، وإنما دخل أولئك في الإسلام بواسطة القدوة، وذلك عندما ذهب جماعة من تجار حضرموت إلى تلك البلدان فصاروا يبيعون ويشترون ويتعاملون مع الناس معاملة إسلامية صحيحة، فأعجبت أهل تلك البلاد فدخلوا في دين الله أفواجًا، حتى إن الفلبين التي يقدر سكانها في أيامنا الحاضرة بستين مليونًا كانت كلها في يوم من الأيام دولة إسلامية بأكملها، وارتد كثير من المسلمين عن الإسلام بسبب ضعف المسلمين في الدعوة إلى الله ﷿، إذًا القدوة تعتبر من أكبر العوامل.
وعلى كل فالمستقبل -بإذن الله تعالى- لهذا الدين، وعلينا أن نتفائل، وعلينا أن نحسن الظن بالله ﷿، لكن علينا أن نتحرك لهذا الدين؛ لأن هذا الدين ما قام في عصره الأول إلا على جماجم الرجال وأشلائهم، ففي فتح بلاد الشام فقط قدم المسلمون خمسة وعشرين ألفًا من صحابة رسول الله ﷺ ومن التابعين، ثم تصير بلاد الشام بأيدي الكفرة الفجرة، فهذا تفريط من المسلمين.

6 / 21